Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 13-18)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ } أي خوفتكم { صَـٰعِقَةُ } أي عذاباً { مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ } أي مثل عذاب { عَادٍ وَثَمُودَ } وقال مقاتل : كان عاد وثمود ابني عم ، وموسى وقارون ابني عم ، وإلياس واليسع ابني عم ، وعيسى ويحيى ابني خالة ، ومعنى الآية إن لم يعتبروا فيما وصف لهم من قدرتي وعظمتي في خلق السماوات والأرض ، وأعرضوا عن الإيمان ، فقل أنذرتكم عذاباً مثل عذاب عاد وثمود أنه يصيبهم مثل ما أصابهم ، قال الفقيه أبو الليث رحمه الله أخبرني الخليل بن أحمد قال حدثنا علي بن المنذر قال حدثنا ابن فضيل عن الأجلح ، عن ابن حرملة عن جابر بن عبد الله : أن أبا جهل والملأ من قريش بعثوا عتبة ابن ربيعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأتاه فقال له أنت يا محمد خير أم هاشم ، أنت خير أم عبد المطلب ، فلم تشتم آلهتنا ، وتضلل آباءنا ، فإن كنت تريد الرياسة عقدنا لك لواء وكنت رأساً ما بقيت ، وإن كنت تريد الباءة زوجناك عشرة نسوة تختارهن من أي حي من بنات قريش شئت ، وإن كنت تريد المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك ، فلما فرغ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ حـمۤ تَنزِيلٌ مّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } إلى قوله { مّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } فأمسك عتبة على فيه وناشده بالرحم أن يكف ثم رجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش واحتبس عنهم ، فقال أبو جهل والله يا معشر قريش ما نرى عتبة إلا وقد صبأ ، فأتوه فقال أبو جهل والله يا عتبة ما حبسك عنا إلا أنك قد صبوت إلى دين محمد ، وأعجبك أمره ، فغضب عتبة وأقسم ألا يكلم محمداً أبداً ، وقال إني أتيته وقصصت عليه القصة فأجابني بقوله : " والله ليس فيه سحر ولا شعر ولا كهانة " فأمسكت على فيه وناشدته بالرحم أن يكف وقد علمتم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - إذا قال قولاً لم يكذب فخفت أن ينزل بكم العذاب ثم قال تعالى : { إِذْ جَاءتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } يعني من قبل عاد وثمود { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } يعني من بعد عاد وثمود { أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ ٱللَّهَ } يعني ألا تطيعوا في التوحيد غير الله ، وهذا قول الرسل لقومهم ، فأجابهم قومهم { قَالُواْ لَوْ شَاء رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلَـٰئِكَةً } ولم يرسل إلينا آدمياً { فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَـٰفِرُونَ } أي جاحدون ، وقد قيل في قوله { مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } يعني خوفوهم من بين أيديهم من أمر الآخرة وحذروهم النار ، ورغبوهم في الجنة { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } يعني زهدوهم في الدنيا فلم يقبلوا ، وقد قيل { مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } يعني ما خلق قبلهم ، كيف أهلكهم الله ، ومما خلفهم من أمر الآخرة { فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } يعني تعظموا عن الإيمان ، عن قول لا إلٰه إلا الله { بِغَيْرِ ٱلْحَقّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } يقول الله تعالى { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَهُمْ } وقواهم { هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } يعني بطشاً ولم يعتبروا بذلك { وَكَانُواْ بِـئَايَـٰتِنَا يَجْحَدُونَ } يعني جاحدين بما آتاهم هود عليه السلام أنه لا ينزل بهم ، قوله عز وجل { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } يعني ريحاً بارداً ذا صوت ودوي تحرق كما تحرق النار ، ويقال : { رِيحاً صَرْصَراً } أي شديدة الصوت { فِى أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } قال مقاتل : يعني شدائد . وقال الكلبي يعني أيام مشؤومات قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ( فِى أَيَّامٍ نَحْسَاتٍ ) بجزم الحاء ، والباقون بكسر الحاء ومعناهما واحد ، ويقال يوم نحس ويوم نحس ، وأيام نحسه ونحسه ، والنحسات جمع الجمع . { لّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْىِ } يعني العذاب الشديد في الدنيا قبل عذاب الآخرة وهذا كقوله { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ } [ الروم : 41 ] يعني ليصيبهم بعض العقوبة في الدنيا . كقوله تعالى { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } يعني يتوبون ثم قال عز وجل { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } يعني أشد مما كان في الدنيا { وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } يعني لا يمنعهم أحد من عذاب الله لا في الدنيا ولا في الآخرة { وَأَمَّا ثَمُودُ } قرأ الأعمش ( ثَمُودُ ) بالتنوين ، وقراءة العامة بغير تنوين { فَهَدَيْنَـٰهُمْ } يعني بينا لهم الحق من الباطل والكفر من الإيمان وقال مجاهد ( فَهَدَيْناهُمْ ) أي دعوناهم ، وقال قتادة ومقاتل : بينا لهم ، وقال القتبي : دعوناهم ودللناهم { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } يعني اختاروا الكفر على الإيمان ، ويقال اختاروا طريق الضلالة على طريق الهدى { فَأَخَذَتْهُمْ صَـٰعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ } والصاعقة : هي العذاب ( الْهُونِ ) يعني يهانون فيه ، ويقال الهون الشديد { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } يعني يعملون من الشرك والمعاصي قوله عز وجل { وَنَجَّيْنَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يتَّقُونَ } يعني آمنوا بصالح النبي عليه السلام ، ( وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) عقر الناقة ، ويتقون الشرك والفواحش .