Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 1-5)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تبارك وتعالى { حـمۤ } اسم السورة ، ويقال { حـمۤ } يعني قضي ما هو كائن ، ويقال : هو قسم أقسم الله تعالى به { تَنزِيلٌ } أي نزل بهذا القرآن جبريل { مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } ( تنزيل ) صار رفعاً بالابتداء ، وخبره { كِتَـٰبٌ فُصّلَتْ ءايَـٰتُهُ } ويقال : صار رفعاً بإضمار فيه . ومعناه هذا تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب ، يعني القرآن { فُصّلَتْ ءايَـٰتُهُ } يعني بينت وفسرت دلائله وحججه ، ويقال : بين حلاله وحرامه { قُرْءاناً عَرَبِيّاً } صار نصباً على الحال ، أي بينت آياته في حال جمعه ، { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أي يصدقون ويقرون بالرسل ، ويقال يعلمون ما فيه ويفهمونه قرآناً عربياً أخذ من الجمع ، ولو كان غير عربي لم يعلموه قوله تعالى { بَشِيراً وَنَذِيراً } يعني بشيراً للمؤمنين بالجنة ، ونذيراً للكافرين بالنار { فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ } يعني أعرض أكثر أهل مكة { فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } يعني لا يسمعون سمعاً ينفعهم ، لأنهم لا يجيبون ولا يطيعون { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةٍ } يعني في غطاء لا نفقه ما تقول { مّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } من التوحيد لا يصل إلى قلوبنا { وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ } يعني ثقلاً فلا نسمع قولك ، يعني نحن في استماع قولك كالصم لا نسمع ما تقول { وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ } أي ستر وغطاء { فَٱعْمَلْ إِنَّنَا عَـٰمِلُونَ } يعني اعمل على أمرك نعمل على أمرنا ، ويقال : اعمل لإلٰهك الذي أرسلك ، إننا عاملون لآلهتنا وهذا قول مقاتل والأول قول الكلبي ، ويقال اعمل في هلاكنا ، إننا عاملون في هلاكك روى محمد بن كعب القرضي عمن حدثه أن عتبة بن ربيعة ، قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش ألا أقُوم إلى هذا الرجل وأكلمه ، وأعرض عليه أموراً لعله يقبل منا بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا ، وذلك حين رأوا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يزيدون ويكثرون ، فقالوا بلى يا أبا الوليد ، فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا ابن أخي إنك منا حيث علمت من المكان في النسب ، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم ، فرقت جماعتهم ، وعبت آلهتهم ، ودينهم ، وكفرت من مضى من آبائهم ، فإن كنت إنما تريد بما جئت به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثر مالاً ، وإن كنت تريد شرفاً ، شرفناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك ، وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه أي خيالاً لا تستطيع أن ترده عنك نفسك ، طلبنا لك الطب وبذلنا لك فيه أموالنا حتى نبريك منه فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه ، فلما فرغ منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { بسم الله الرحمن الرحيم - حـمۤ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُه } حتى انتهى إلى قوله { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَـٰعِقَةً مِّثْلَ صَـٰعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } [ فصلت : 13 ] فقام عتبة وجاء إلى أصحابه ، فقال بعضهم لبعض : تالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب ، فلما جلس إليهم قالوا ما وراءك ، قال : سمعت قولاً ما سمعت بمثله قط ، والله ما هو بالشعر ، ولا بالسحر ، ولا بالكهانة ، يا معشر قريش أطيعوني ، وخلوا بيني وبين الرجل ، وبين ما هو فيه ، فقالوا سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه ، فقال هذا الرأي لكم ، فاصنعوا ما بدا لكم .