Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 6-12)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - { قُلْ } يا محمد { إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ } يعني آدمياً مثلكم { يُوحَىٰ إِلَىَّ } ما أبلغكم من الرسالة { أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وٰحِدٌ فَٱسْتَقِيمُواْ إِلَيْهِ } يعني أقروا له بالتوحيد { وَٱسْتَغْفِرُوهُ } من الشرك { وَوَيْلٌ لّلْمُشْرِكِينَ } يعني الشدة من العذاب للمشركين { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } يعني لا يعطون الزكاة ولا يقرون بها { وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَـٰفِرُونَ } يعني بالبعث بعد الموت ، ثم وصف المؤمنين فقال { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } يعني صدقوا بالله وأدوا الفرائض { لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } يعني غير منقوص ، ويقال غير مقطوع عنهم في حال ضعفهم ومرضهم فقال عز وجل { قُل أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِى خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ } اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به التهديد والزجر ، يعني أئنكم لتكذبون بالخالق الذي خلق الأرض في يومين يوم الأحد ويوم الإثنين ، فبدأ خلقها في يوم الأحد ، وبسطها في يوم الاثنين { وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً } يعني تصفون له شركاء من الآلهة { ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } يعني الذي خلق الأرض فهو رب جميع الخلق ، ولو أراد الله أن يخلقها في لحظة واحدة لفعل ، وكان قادراً ولكنه أحب أن يبصر الخلق وجوه الأناة ، والقدرة على خلق السموات والأرض في أيام كثيرة ، وفي لحظة واحدة سواء ، لأن الخلق عاجزون عن مثقال ذرة منها ، وكان ابتداء خلق الأرض في يوم الأحد ، وإتمام خلقها وبسطها في يوم الاثنين { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِن فَوْقِهَا } يعني وخلق في الأرض الرواسي يعني الجبال الثوابت من فوقها { وَبَـٰرَكَ فِيهَا } بالماء والشجر { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوٰتَهَا } [ يعني قسم فيها الأرزاق وقال عكرمة : قدر فيها أقواتها ] يعني قدر في كل قرية عملاً لا يصلح في الأخرى ، مثل النيسابوري لا يكون إلا بنيسابور ، والهروي لا يكون إلا بهراة ، وقال قتادة : { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوٰتَهَا } قال جبالها ، ودوابها ، وأنهارها ، وثمارها ، وقال الحسن : وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْواتَهَا قال : أرزاقها ، وقال مقاتل : يعني : أرزاقها ومعايشها ، وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس رضي الله عنهم قال : أول ما خلق الله من شيء ، خلق القلم ، فقال له اكتب ، فقال يا رب وما أكتب ؟ فقال : اكتب القدر فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى يوم القيامة ، ثم خلق النون ، ثم رفع بخار الماء ففتق منه السموات ثم بسط الأرض على ظهر النون ، فاضطرب النون ، فتمادت الأرض فأوتدت بالجبال ، ثم قال { فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } يعني من أيام الآخرة ، ويقال من أيام الدنيا { سَوَاء لّلسَّائِلِينَ } يعني لمن سأل الرزق ، ومن لم يسأل ، وقال مقاتل { سَوَاء لّلسَّائِلِينَ } يعني عدلاً لمن سأل الرزق ، كقوله { وَٱهْدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَٰطِ } [ ص : 22 ] يعني عدلاً ، وقال ابن عباس سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية فقال : " خلق الأرواح قبل الأجساد بأربع آلاف سنة " ، وهكذا خلق الأرزاق قبل الأرواح بأربع آلاف سنة { فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء } قرأ الحسن : " سَواءٍ " بكسر الألف ، وقرأ أبو جعفر المدني : ( سَوَاءٌ ) بالضم ، وقراءة العامة بالنصب ، فمن قرأ بالكسر جعل سواء صفة للأيام ، والمعنى في أربعة أيام مستويات تامات للسائلين ، ومن قرأ بالضم فمعناه : في أربعة أيام . وقد تم الكلام ، ثم استأنف فقال سواء للسائلين ، ومن قرأ بالنصب يعني قدرها ( سواء ) صار نصباً على المصدر ، ومعناه استوت استواء { ثُمَّ ٱسْتَوَى إِلَى ٱلسَّمَاء } أي صعد أمره إلى السماء وهو قوله ( كُنْ ) ويقال عمد إلى خلق السماء { وَهِىَ دُخَانٌ } يعني بخار الماء كهيئة الدخان ، وذلك أنه لما خلق العرش لم يكن تحت العرش شيء سوى الماء كما قال ( وكان عرشه على الماء ) ثم ألقى الحرارة على الماء حتى ظهر منه البخار ، فارتفع بخاره كهيئة الدخان ، فارتفع البخار ، وألقى الريح الزبد على الماء فزيد الماء ، فخلق الأرض من الزبد وخلق السماء من الدخان وهو البخار ثم قال تعالى { وَهِىَ دُخَانٌ } ، { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ } يعني للسماء ، والأرض ، { ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } يعني اعطيا الطاعة طوعاً أو كرهاً ، يعني : ائتيا بالمعرفة لربكما ، والذكر له طوعاً أو كرهاً { قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } فأعطيا الطاعة بالطوع ، ويقال : كانت السماء رتقاً عن المطر ، والأرض عن النبات ، فقال لهما : { ٱئْتِيَا } يعني أعطيا وأخرجا ما فيكما من المطر والنبات منفعة للخلق ، إن شئتما طائعين ، وإن شئتما كارهين { قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } يعني أخرجنا ما فينا طائعين غير كارهين ، وروي عن مجاهد أنه قال : معناه يا سماء أبرزي شمسك وقمرك ونجومك ، ويا أرض أخرجي نباتك طوعاً أو كرهاً ويقال : هذا على وجه المثل ، يعني أمرهما بإخراج ما فيهما ، فأخرجتا طائعتين ، قوله عز وجل { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ فِى يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِى كُلّ سَمَاء أَمْرَهَا } يعني أمر أهل كل سماء بأمرها قال السدي : خلق في كل سماء خلقاً من الملائكة { وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَاء ٱلدُّنْيَا بِمَصَـٰبِيحَ } يعني بالنجوم { وَحِفْظاً } يعني من الشياطين أن يسترقوا السمع { ذٰلِكَ } أي الذي ذكر من صنعه { تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ } في ملكه { ٱلْعَلِيمُ } بخلقه .