Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 46-56)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِـئَايَـٰتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَقَالَ إِنِّى رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } وقد ذكرناه { فَلَمَّا جَاءهُم بِـئَايَـٰتِنَا } يعني : باليد والعصا { إِذَا هُم مِنْهَا يَضْحَكُونَ } يعني : يعجبون ويسخرون { وَمَا نُرِيِهِم مّنْ ءايَةٍ إِلاَّ هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } يعني : أعظم من التي كانت قبلها ، وهي السنين ، والنقص من الثمرات ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، فلم يؤمنوا بشيء { وَأَخَذْنَـٰهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } يعني : عاقبناهم بهذه العقوبات لكي يرجعوا ، ويعرفوا ضعف معبودهم { وَقَالُواْ يـَٰأَيُّهَا ٱلسَّاحِرُ } وكان الساحر فيهم عظيم الشأن ، يعني : قالوا لموسى يا أيها العالم { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } أي سل لنا ربك { بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } يعني : بحق ما أمرك به ربك أن تدعو إليه { إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } يعني : نؤمن بك ونوحد الله تعالى قوله تعالى : { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } يعني : ينقضون عهودهم { وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِ } يعني : خطب فرعون لقومه { قَالَ يَـا قَوْمٌ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ } وهي أربعون فرسخاً ، في أربعين فرسخاً { وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَـٰرُ تَجْرِى مِن تَحْتِى } يعني : من تحت يدي ، ويقال من حولي ، وحول قصوري وجناني { أَفلاَ تُبْصِرُونَ } فضلي على موسى { أَمْ أَنَا خَيْرٌ مّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِى هُوَ مَهِينٌ } يعني : خير ، وأم للصلة ، من هذا الذي هو مهين يعني : ضعيف ذليل { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } يعني : لا يكاد يعبر حجة ، ويقال معناه : ألا تنظرون إلى فصاحتي ، وإلى عي كلام موسى { فَلَوْلاَ أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مّن ذَهَبٍ } يعني : هلا أعطي أسورة من ذهب ، يعني لو كان حقاً وكان رسولاً كما يقول لأعطي له المال فيكون حاله خيراً من هذا ، وكان آل فرعون يلبسون الأساور ، قرأ عاصم في رواية حفص ( أَسْورَةٌ ) بغير ألف ، والباقون ( أَسَاوِرَةٌ ) فمن قرأ أسورة ، فهو جمع السوار ، ومن قرأ أساورة ، فهو جمع الجمع ، ويقال أساور جمع سوار ثم قال : { أَوْ جَاء مَعَهُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } يعني : لو كان حقاً لأتته الملائكة متتابعين فيصدقون على مقالته ، ويقال ( مُقْتَرِنِينَ ) أي : متعاونين { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ } يعني : فاستذل قومه فأطاعوه ، يعني : حملهم على الخفة فانقادوا له { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } يعني : كافرين عاصين ، وذلك أن فرعون قال لهم مَا أُريكُم إلاَّ مَا أرَى فأطاعوه على تكذيب موسى عليه السلام { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } يعني : ناقضي العهد قوله تعالى : { فَلَمَّا ءاسَفُونَا } يعني : أغضبونا ، قال أهل اللغة : الأسف الغضب ، وروى معمر عن سماك بن الفضل قال كنا عند عروة بن محمد وعنده وهب بن منبه فجاء قوم فشكوا عاملهم وأثبتوا على ذلك ، فتناول وهب عصا كانت في يد عروة فضرب بها رأس العامل حتى أدماه فاستعابها عروة ، وكان حليماً وقال : يعيب علينا أبو عبد الله ، الغضب ، وهو يغضب ، فقال وهب : وما لي لا أغضب وقد غضب الذي خلق الأحلام ، إن الله تعالى يقول { فَلَمَّا ءاسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } يعني : أغضبونا ، ويقال فلما آسفونا يعني : وجب عليهم عذابنا { ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } يعني : أهلكناهم { فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ أَجْمَعِينَ } يعني : لم نبق منهم أحداً قوله تعالى : { فَجَعَلْنَـٰهُمْ سَلَفاً } قال مجاهد يعني : كفار قوم فرعون سلفاً لكفار مكة ، أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وقال قتادة : جعلناهم سلفاً إلى النار ، قرأ حمزة والكسائي ( سُلْفاً ) بالضم ، وقرأ الباقون ( سَلفاً ) بنصب السين واللام فمن قرأ بالنصب فمعناه : جعلناهم سلفاً متقدمين ليتعظ بهم الآخرون ، ومن قرأ بالضم ، فهو جمع سليف أي جمع قد مضى ويقال سلفاً واحدها سلفة من الناس أي قطعة ، قوله { وَمَثَلاً لّلآخِرِينَ } يعني : عبرة لمن بعدهم .