Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 57-62)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلَمَّا ضُرِبَ ٱبْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً } يعني : وصف ابن مريم شبهاً { إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ } يعني : يعرضون عن ذكره ، ويقال : لما قالت النصارى إن عيسى ابن الله ، إذا قومك منه يصدون ، قرأ ابن عامر والكسائي ونافع ( يَصُدُّونَ ) بضم الصاد وقرأ الباقون ( يَصِدُّونَ ) بالكسر ، فمن قرأ بالضم فمعناه : يعرضون ، ومن قرأ بالكسر فمعناه يضجون ويرفعون أصواتهم تعجباً ، وذلك أنهم قالوا لما جاز أن يكون عيسى ابن الله ، جاز أن تكون الملائكة بناته ، فعارضوه بذلك يعني : أهل مكة ورفعوا أصواتهم بذلك ويقال : إن عبد الله بن الزبعرى ، قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما ذكرنا في سورة الأنبياء ففرح المشركون بذلك ، ورفعوا أصواتهم تعجباً من قوله آلهتنا خير ، ثم قال تعالى : { وَقَالُواْ ءأَالِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ } يعني : أم عيسى ، فإذا جاز أن يكون هو ولدا ، جاز أن تكون الأصنام والملائكة كذلك ، ويقال : فإذا جاز أن يكون هو في النار ، جاز أن تكون معه الأصنام في النار قوله : { مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلا } يعني : ما عارضوك بهذه المعارضة إلا جدلاً { بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ } يعني : يجادلونك شديد المجادلة بالباطل قوله تعالى : { إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } أي ما كان عيسى إلا عبداً لله أنعم الله تعالى عليه بالنبوة ، وأكرمه بها { وَجَعَلْنَـٰهُ مَثَلاً لّبَنِى إِسْرٰءيلَ } يعني : عبرة لبني إسرائيل ليعتبروا به حين ولد ابن من غير أب ثم قال : { وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلَـٰئِكَةً فِى ٱلأَرْضِ يَخْلُفُونَ } يعني : لو شاء الله ، لجعل مكانكم في الأرض ملائكة يخلفون ، فكانوا خلفاً منكم ثم رجع إلى صفة عيسى عليه السلام فقال : { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لّلسَّاعَةِ } يعني : نزول عيسى علامة لقيام الساعة ويقال : نزول عيسى آية للناس ، وروى وكيع عن سفيان عن عاصم عن أبي رزين ، عن أبي يحيى عن ابن عباس في قوله : { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لّلسَّاعَةِ } قال خروج عيسى ابن مريم وروى معمر عن قتادة قال : نزول عيسى ، وروى عبادة عن حميد عن أبي هريرة قال " لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُرى عيسى عليه السلام في الأًَرْض إمَاماً مُقْسِطاً ، وَكُنْتُ أرْجُو ألاَّ أمُوتَ حَتَّى آكُل مع عيسى عليه السلام عَلَى مَائِدَةٍ فَمَنْ لَقِيهُ مِنْكُمْ فَلْيُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلاَم " قرأ بعضهم ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لّلسَّاعَةِ ) بكسر العين أي : بنزول المسيح يعلم أنه قد قربت الساعة ، ومن قرأ ( وَإنَّهُ لَعَلَمٌ ) بالنصب فإنه بمعنى الدليل والعلامة ، قوله تعالى : { فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا } يعني : لا تشكن في القيامة والبعث { وَاتَّبِعُونِي } يعني أطيعونني { هَـٰذَا صِرٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ } يعني : هذا التوحيد صراط مستقيم { وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } يعني : لا يصرفنكم الشيطان عن طريق الهدى { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ظاهر العداوة .