Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 15-16)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال الله تعالى : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَـٰنَ بِوٰلِدَيْهِ إِحْسَـٰناً } يعني أمرنا الإنسان بالإحسان إلى والديه ، قال مقاتل والكلبي : نزلت الآية في شأن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ويقال هذا أمر عام لجميع الناس ، قرأ حمزة والكسائي وعاصم " إحْسَاناً " بالألف ، ومعناه : أمرناه بأن يحسن إليهما إحساناً ، والباقون " حُسْناً " بغير ألف فجعلوه اسماً وأقاموه مقام الإحسان ، ثم ذكر حق الوالدين فقال { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً } يعني في مشقة { وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً } يعني في مشقة { وَحَمْلُهُ وَفِصَـٰلُهُ } يعني حمله في بطن أمه ، وفصاله ورضاعه { ثَلاَثُونَ شَهْراً } وروى وكيع بإسناده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إن رجلاً قال له إني تزوجت جارية سليمة ، بكراً ، لم أر منها ريبة ، وإنها ولدت لستة أشهرٍ ، فقرأ علي { وَٱلْوَٰلِدَٰتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَـٰدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } [ البقرة : 233 ] وقرأ { وَحَمْلُهُ وَفِصَـٰلُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً } فالحمل ستة أشهر ، والرضاع سنتين ، والولد ولدك ، وقال وكيع هذا أصل إذا جاءت بولد لأقل من ستة أشهر لم يلزمه فيفرق بينهما ثم قال { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ } يعني بلغ ثلاثاً وثلاثين { وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً } صدق بالنبي - صلى الله عليه وسلم ، يعني أبا بكر { قَالَ رَبّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ } يعني ألهمني ما أؤدي به شكر نعمتك ، وما أوزعت به نفسي أن أكفها عن كفران نعمتك ، وأصله من وزعته : أي دفعته ، قال رب أوزعني أن أشكر ، يعني أن أؤدي شكر نعمتك { ٱلَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَالِدَىَّ } بالإسلام { وَأَنْ أَعْمَلَ صَـٰلِحاً تَرْضَـٰهُ } يعني تقبله { وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرّيَّتِى } يعني أكرمهم بالتوحيد ويقال : اجعلهم أولاداً صالحين مسلمين ، فأسلموا كلهم { إِنّى تُبْتُ إِلَيْكَ } يعني أقبلت إليك بالتوبة { وَإِنّى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } يعني المخلصين الموحدين على دينهم قوله تعالى { أُوْلَـٰئِكَ } يعني أهل هذه الصفة يعني أبا بكر ووالديه وذريته ومن كان في مثل حالهم { ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } يعني ستجزيهم بإحسانهم ، قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص ( نَتَقَبَّل ) بالنون { وَنَتَجَاوَزُ } بالنون ، وقرأ الباقون بالياء والضم ، فَمن قرأ بالنون فهو على معنى الإضافة إلى نفسه ، يعني نتقبل نحن ، ونصب أحسن لوقوع الفعل عليه ومن قرأ بالياء والضم فهو على معنى فعل ما لم يسم فاعله ، ولهذا رفع قوله ( أَحْسَنُ ) لأنه مفعول ما لم يسم فاعله ثم قال ( وَنَتَجَاوَزُ ) { عَن سَيْئَـٰتِهِمْ } يعني ما فعلوا قبل التوبة فلا يعاقبون عليها { فِى أَصْحَـٰبِ ٱلْجَنَّةِ } يعني هم مع أصحاب الجنة ، وروى أبو معاوية عن عاصم الأحول عن الحسن قال { مَنْ يَعْمَل سُوءاً يُجْزَ بِهِ } إنما ذلك لمن أراد الله هوانه ، وأما من أراد الله كرامته فإنه يتجاوز عن سيئاته { فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ } ثم قال { وَعْدَ ٱلصّدْقِ } يعني وعد الصدق في الجنة قوله تعالى { ٱلَّذِى كَانُواْ يُوعَدُونَ } .