Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 17-20)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلَّذِى قَالَ لِوٰلِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا } يعني عبد الرحمن بن أبي بكر ، قال لوالديه أف لكما يعني قدراً لكما ، وهو الرديء من الكلام ، وقد ذكرنا الاختلاف في موضع آخر ، وقد قرىء على سبع قراءات : بالنصب ، والضم ، والكسر ، وكل قراءة تكون بالتنوين وبغير تنوين ، فتلك ست قراءات ، والسابع أفْ بالسكون ، { أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ } يعني أن أبعث بعد الموت ، وذلك قبل أن يسلم { وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِى } أي مضت الأمم ولم يبعث أحدهم { وَهُمَا يَسْتَغثِيَانِ ٱللَّهَ } يعني أبويه يدعوان الله تعالى له بالهدى ، اللهم اهده وارزقه الإيمان ، ويقولان له { وَيْلَكَ ءامِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } يعني ويحك أسلم وصدق بالبعث ، فإن البعث كائن { فَيَقُولُ } لهما { مَا هَـٰذَا إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } يعني كذبهم ، فقال عبدالرحمن إن كنتما صادقين فأخرجا فلاناً وفلاناً من قبورهما فنزل { أُوْلَـٰئِكَ } يعني القرون التي ذكر { ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } أي وجب عليهم العذاب { فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ } يعني في أمم قد مضت من قبلهم من كفار { مّنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَـٰسِرِينَ } في الآخرة بالعقوبة ، فأسلم عبد الرحمن وحسن إسلامه ، وذكر في الخبر أن مروان بن الحكم قال نزلت هذه الآية في شأن عبد الرحمن أخ عائشة ، فبلغ ذلك عائشة فقالت : بل نزلت في أبيك وأخيك قوله عز وجل { وَلِكُلّ دَرَجَـٰتٌ مّمَّا عَمِلُواْ } يعني فضائل في الثواب مما عملوا { وَلِيُوَفّيَهُمْ أَعْمَـٰلَهُمْ } أي أجورهم { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } يعني لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئاً ، ولا يزادون على سيئات أعمالهم قوله تعالى : { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } يعني يكشف الغطاء عنها ، فينظرون إليها ، فيقال لهم : { أَذْهَبْتُمْ طَيّبَـٰتِكُمْ } يعني أكلتم حسناتكم { فِى حَيَـٰتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا } يعني انتفعتم بها في الدنيا ، وقرأ ابن عامر ( أَأَذْهَبْتُمْ ) بهمزتين ، وقرأ ابن كثير ( آذْهَبْتُمْ ) بالمد ومعناهما واحد ، ويكون استفهاماً على وجه التوبيخ ، والباقون ( أَذْهَبْتُمْ ) بهمزة واحدة بغير مد على معنى الخبر وروي عن عمر أنه اشتهى شراباً فأتي بقدح فيه عسل ، فأدار القدح في يده قال : أشربها فتذهب حلاوتها ، أو تبقى نقمتها ، ثم ناول القدح رجلاً ، فسئل عن ذلك فقال : خشيت أن أكون من أهل هذه الآية { أَذْهَبْتُمْ طَيّبَـٰتِكُمْ فِى حَيَـٰتِكُمُ ٱلدُّنْيَا } وروي عن عمر أنه دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على حصير وقد أثر بجنبه الشريط ، فبكى عمر ، فقال : ما يبكيك يا عمر ؟ فقال : ذكرت كسرى وقيصر وما كانا فيه من الدنيا ، وأنت رسول رب العالمين قد أثر بجنبك الشريط ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ، ونحن قَوم أُخِّرَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا في الآخرة " قوله { فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ } يعني العذاب الشديد { بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } يعني تستكبرون عن الإيمان { وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ } يعني تعصون الله تعالى .