Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 8-10)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } يعني اختلقه من ذات نفسه { قُلْ إِنِ ٱفْتَرَيْتُهُ } يعني اختلقته من تلقاء نفسي يعذبني الله تعالى عليه { فَلاَ تَمْلِكُونَ لِى مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } يعني لا تقدرون أن تمنعوا عذاب الله عني { هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ } يعني تخوضون فيه من الكذب في القرآن { كَفَىٰ بِهِ شَهِيداً } يعني كفى بالله عالماً { بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ } ويقال تفيضون : أي تقولون ثم قال { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } يعني الغفور لمن تاب ، الرحيم بهم قوله تعالى { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ ٱلرُّسُلِ } يعني ما أنا أول رسول بعث { وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ } يعني يرحمني وإياكم ، أو يعذبني وإياكم ، وقال الحسن في قوله ( وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ) يعني في الدنيا ، وقال الكلبي : وذلك أنه رأى في المنام أنه أخرج إلى أرض ذات نخل وشجر ، فأخبر أصحابه ، فظنوا أنه وحي أوحي إليه فاستبشروا ، فمكثوا بذلك ما شاء فلم يروا شيئاً مما قال لهم ، فقالوا يا رسول الله ما رأينا الذي قلت لنا ؟ فقال : " إنما كان رؤيا رأيتها ولم يأت وحي من السماء ، وما أدري أيكون ذلك أو لا يكون " ، فنزل قوله { قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ ٱلرُّسُلِ } يعني ما كنت أولهم ، وقد بعث قبلي رسل كثير { وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلاَ بِكُمْ } { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَىَّ } ويقال : ما أدري ما يفعل بي ولا بكم ، يرحمني وإياكم أو يعذبني وإياكم ، فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم : إذاً لا فرق بيننا وبينك ، كما نحن لا ندري ما يفعل بنا ، ولا تدري ما يفعل بك وقد عير المشركون المسلمين فقالوا { إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا } [ الإسراء : 47 ] لا يدري ما يفعل به : فأنزل الله تبارك وتعالى : { تَبَارَكَ ٱلَّذِىۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً } [ الفرقان : 10 ] فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة نزل عليه { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [ الفتح : 2 ] وقد نسخت هذه الآية { إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا } [ الإسراء : 47 ] ثم قال تعالى { وَمَا أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } يعني مخوف مفقه لكم بلغة تعرفونها قوله تعالى { قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } يعني إن كان القرآن من عند الله تعالى { وَكَفَرْتُمْ بِهِ } يعني جحدتم بالقرآن ، { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إِسْرٰءيلَ } قال مجاهد وعكرمة وقتادة : هو عبد الله بن سلام ، وروى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يشهد لأحد يمشي على الأرض أنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام " وفيه نزلت { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إِسْرٰءيلَ } { عَلَىٰ مِثْلِهِ } أي على مثل شهادة عبد الله بن سلام ، يعني بنيامين على مثله ، يعني على مثل شهادة عبد الله بن سلام ، وكان ابن أخ عبد الله بن سلام شهد على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم ، وروى وكيع ، عن ابن عون قال ذكر عند الشعبي { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إِسْرٰءيلَ } أنه عبد الله بن سلام ، فقال الشعبي : وكيف يكون عبد الله بن سلام هو الشاهد وهذه السورة مكية ، وكان ابن سلام بالمدينة ، قال ابن عون فثبت أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - قال : صدق الشعبي ، إن تلك السورة نزلت بمكة ، ولكن هذه الآية نزلت بالمدينة ، فوضعت في هذه السورة ، وروى داود بن أبي هند عن الشعبي ، عن مسروق قال : والله ما هو عبد الله بن سلام ولقد أنزلت بمكة ، فخاصم به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، الذين كفرُوا من أهل مكة أن التوراة مثل القرآن ، ومُوسَى مثل محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وكُل مؤمن بالتوراة فهو شاهد من بني إسرائيل ، ثم قال { فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ } يعني تكبرتم وتعاظمتم عن الإيمان { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يعني الكافرين .