Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 1-3)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تبارك وتعالى : { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي جحدوا بتوحيد الله تعالى وبالقرآن { وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي صرفوا الناس عن طاعة الله ، وهو الجهاد { أَضَلَّ أَعْمَـٰلَهُمْ } يعني أبْطَلَ الله حسناتهم التي عملوا في الدنيا ، لأنهم عملوا بغير إيمان ، وكل عمل يكون بغير إيمان فهو باطل ، كما قال { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } [ آل عمران : 85 ] الآية ، قال الكلبي نزلت في مطعمي بدر ، وهم رؤساء مكة الذين كانوا يطعمون الناس في حال خروجهم إلى بدر ، منهم أبو جهل والحارث ابنا هشام وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبي وأمية ابنا خلف ، ومنبه ونبيه ابنا الحجاج وغيرهم ، ويقال هذا في عامة الكفار ، وهذا كقوله { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَـٰلُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ } [ النور : 39 ] الآية وروى مجاهد عن ابن عباس قال : { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } هم أهل مكة { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } قال هم الأنصار ، الذين آمنوا يعني : صدقوا بالله تعالى وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، وبالقرآن ، وعملوا الصالحات : يعني أدوا الفرائض والسنن وهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان في مثل حالهم { وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ } يعني : صدقوا بما أنزل جبريل على محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وهو الحق وليس فيه باطل ولا تناقض { كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيّئَـٰتِهِمْ } يعني : محا عنهم ذنوبهم التي عملوا في الشرك بإيمانهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، وطاعتهم لله تعالى فيما يأمرهم به من الجهاد { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } يعني : حالهم ، وهذا قول قتادة ، وقال مقاتل : يعني : بين أمورهم في الإسلام ، وعملهم وحالهم حتى يدخلوا الجنة ، وروى مجاهد ( وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ) يعني شأنهم ، وقال القتبي { كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيّئَـٰتِهِمْ } أي سترها { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } أي حالهم ويقال : أصلح بالهم يعني : أظهر الله تعالى أمرهم في الإسلام حتى يقتدى بهم ، ثم بين المعنى الذي أحبط أعمال الكافرين ، وأصلح شأن المؤمنين فقال : { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني : ذلك الإبطال بأن الذين كفروا { ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَـٰطِلَ } يعني : اختاروا الشرك وثبتوا عليه ، ولم يرغبوا في الإسلام ، ويقال : معناه لأنهم اختاروا الباطل على الحق ، واتباع الهوى على اتباع رضى الله سبحانه وتعالى { وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } وهم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - { ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ مِن رَّبّهِمْ } يعني : اتبعوا القرآن وعملوا به ، ويقال : معناه اختاروا الإيمان على الكفر ، واتباع القرآن واتباع رضى الله تعالى ، على اتباع الهوى قوله تعالى : { كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَـٰلَهُمْ } يعني : هكذا يبين الله صفة أعمالهم ، ثم حرض المؤمنين على القتال فقال : { فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرّقَابِ … } .