Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 45-47)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فقال : { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا } يعني فرضنا على بني إسرائيل في التوراة { أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ } إذا كان القتل عمداً { وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ } إذا كان عمداً { وَٱلأَنْفَ بِٱلأَنْفِ } إذا كان عمداً { وَٱلأُذُنَ بِٱلأُذُنِ } إذا كان عمداً { وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ } إذا كان عمداً { وَٱلْجُرُوحَ قِصَاصٌ } إذا كان عمداً . وروى عكرمة عن ابن عباس : أن بني النضير كان لهم شرف على بني قريظة وكانت جراحاتهم على النصف فحملهم على الحق ، وجعل دم القرظي والنضيري سواء فقال كعب بن الأشرف ومالك بن الضيف : لا نرضى بحكمك لأنك تريد أن تصغرنا بعداوتك فنزل : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰفِرُونَ } ثم صارت الآية عامة في جميع الناس في وجوب القصاص في النفس وفي الجراحات . قرأ عاصم وحمزة ونافع : { أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ } والحروف الست كلها بالنصب وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر كلها بالنصب غير الجروح فإنهم يقرأونها بالضم على معنى الابتداء وقرأ الكسائي قرأ كلها بالضم إلا النفس . ثم قال : { فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ } يعني عفى عن مظلمته في الدنيا وترك القصاص ، { فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ } قال القتبي : فهو كفارة للجارح وأجر للمجروح . وقال مجاهد : كفارة للجارح ، وأجر للعافي . وقال بعضهم : هو كفارة للعافي أي يكفر الله تعالى عنه بعفوه بعض ما سلف من ذنوبه . ويقال : { كَفَّارَةٌ لَّهُ } أي للجارح يعني إذا ترك الولي حقه سقط القصاص عن الجارح . وروى محرر عن أبي هريرة عن رجل من الأنصار قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من أصيب بشيء في جسده فتركه لله تعالى كانت كفارة له " وقال الحسن : ينادي منادٍ يوم القيامة من كان له على الله أجر فليقم فلا يقوم إلا من قد عفى ثم قال : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } يعني يظلمون أنفسهم ، والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه فالذي عرض نفسه للعقوبة فقد وضع الشيء في غير موضعه . قوله تعالى : { وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ ءاثَـٰرِهِم بِعَيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } يعني اتبعنا على أثر الرسل عيسى ابن مريم - عليه السلام - { مُصَدِّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يعني موافقاً لما قبله { مِنَ ٱلتَوْرَاةِ } . يقال : إن عيسى يصدق التوراة ثم قال : { وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى } من الضلالة { وَنُورٌ } يعني بيان الأحكام { وَمُصَدِّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ } يعني الإنجيل موافقاً للتوراة في التوحيد وفي بعض الشرائع { وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ } الذين يتقون الشرك والفواحش . ثم قال : { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ ٱلإِنجِيلِ } . قرأ حمزة : ( ولِيحكم ) بكسر اللام ونصب الميم وقرأ الباقون : بالجزم فمن قرأ بالكسر فمعناه ، وآتيناه الإنجيل لكي يحكم أهل الإنجيل { بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِ } ومن قرأ بالجزم فهو على الأمر والمراد به الخبر عن أمر سبق لهم ، يعني أمرهم الله تعالى : أن يحكموا بما في الإنجيل . ثم قال : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ } يعني في الإنجيل وكان - حكمهم العفو { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } يعني : العاصين .