Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 5-14)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { حِكْمَةٌ بَـٰلِغَةٌ } يعني جاءهم كلمة بالغة وهو القرآن يعني حكمة وثيقة { فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ } يعني لا تنفعهم النذر إن لم يؤمنوا كقوله { وَمَا تُغْنِ ٱلآيَـٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } [ يونس : 101 ] ويقال : { فَمَا تُغْنِ ٱلنُّذُرُ } لم تنفعهم الرسل إذا نزل بهم العذاب إن لم يؤمنوا قوله تعالى { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } يعني اتركهم وأعرض عنهم بعدما أقمت عليهم الحجة { يَوْمَ يَدْعُو ٱلدَّاعِ } يعني يدعو إسرافيل على صخرة بيت المقدس { إِلَىٰ شَىْء نُّكُرٍ } يعني إلى أمر فظيع شديد منكر { خُشَّعاً } يعني ذليلة { أَبْصَـٰرَهُمْ } خاشعاً نصب على الحال يعني يخرجون خاشعاً قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو خاشعاً بالألف مع النصب والباقون خُشعاً بضم الخاء بغير ألف وتشديد الشين بلفظ الجمع ، لأنه نعت للجماعة ، ومن قرأ بلفظ الواحد فلأجل تقديم النعت ، وقرأ ابن مسعود خاشعة بلفظ التأنيث ، وقرأ ابن كثير إلى شيء نكْر بجزم الكاف ، والباقون بالضم ، وهما لغتان ثم قال عز وجل { يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ } يعني من القبور { كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } يعني انتشروا عن معدنهم ويجول بعضهم في بعض قوله تعالى { مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ } يعني مقبلين إلى صوت إسرافيل { يَقُولُ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } يعني شديد عَسِر عليه ، وروي في الخبر " أنهم إذا خرجوا من قبورهم يمكثون واقفين أربعين سنة " ، ويقال : مائة سنة حتى يقولوا أرحنا من هذا ولو إلى النار ثم يؤمرون بالحساب ثم عزى نبيه - صلى الله عليه وسلم - ليصبر على أذى قومه كما لقي الرسل من قومهم فقال { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ } يعني قبل قومك يا محمد { قَوْمُ نُوحٍ } حين أتاهم بالرسالة { فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا } نوحاً { وَقَالُواْ مَجْنُونٌ } يعني قالوا لنوح إنك مجنون { وَٱزْدُجِرَ } يعني أوعد بالوعيد ويقال : صاحوا به حتى غشي عليه ، وقال القتبي : وازدجر أي زجر وهو افتعل من ذلك فلما ضاق صدره { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّى مَغْلُوبٌ } يعني مقهور فيما بينهم { فَٱنتَصِرْ } يعني أعني عليهم بالعذاب فأجابه الله كما في سورة الصافات : { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ } [ الصافات : 75 ] قوله عز وجل { فَفَتَحْنَا أَبْوٰبَ ٱلسَّمَاء } يعني طرق السماء { بِمَاء مُّنْهَمِرٍ } يعني منصباً كثيراً ، وقال القتبي بماء منهمر أي كثير سريع الانصباب ومنه يقال همر للرجل إذا كثر من الكلام وأسرع فيه ، قرأ ابن عامر ففتَّحنا بتشديد التاء على تكثير الفعل ، وقرأ الباقون بالتخفيف لأنها فتحت فتحاً واحداً ، قوله عز وجل { وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً } يعني أخرجنا من الأرض عيوناً مثل الأنهار الجارية { فَالْتَقَى ٱلمَاءُ } يعني ماء السماء وماء الأرض { عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } يعني على وقت قد قضى { وَحَمَلْنَاهُ } يعني حملنا نوحاً { عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوٰحٍ } يعني على سفينة قد اتخذت بألواح { وَدُسُرٍ } يعني سفينة قد شدت بالمسامير ، وقال بعضهم : كانت سفينة نوح من صاج ، وقال بعضهم : من خشب شمشار ، ويقال : من الجوز ، وقال القتبي : الدسر المسامير واحدها دسار وهي أيضاً الشريط الذي يشد بها السفينة ثم قال { تَجْرِى بِأَعْيُنِنَا } يعني تسير السفينة بمنظر منا وأمرنا ، ويقال بمراد وحفظ منا وقال الزجاج في قوله " فالتقى الماء " ولم يقل : الماءان لأن الماء اسم لجميع ماء السماء وماء الأرض فلو قال ماءان لكان جائزاً لكنه لم يقل ثم قال { جَزَاء لّمَن كَانَ كُفِرَ } يعني الحمل على السفينة ثواب لنوح الذي كفر به قومه ، وقرأ بعضهم جزاء لمن كان كفر بالنصب يعني الفرق عقوبة لمن كذب بالله تعالى وبنوح .