Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 91-92)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } يعني ما عظّموا الله حق عظمته وما عرفوه حق معرفته ، نزلت في مالك بن الضيف خاصمه عمر في النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مكتوب في التوراة فغضب وقال : { مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } وكان رئيس اليهود فعزلته اليهود عن الرئاسة بهذه الكلمة . قال مقاتل : نزلت هذه الآية بالمدينة وسائر السور بمكة ويقال : إن هذه السورة كلها مكية " وكان مالك بن الضيف خرج مع نفر إلى مكة معاندين ليسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء وقد كان اشتغل بالنعم وترك العبادة وسمن ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بمكة فقال له رسول الله : " أنشدك الله أتجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين ؟ قال : نعم قال : فأنت الحبر السمين فقد سمنت من مأكلتك " فضحك به القوم فخجل مالك بن الضيف وقال : ما أنزل الله على بشر من شيء فبلغ ذلك اليهود فأنكروا عليه . فقال : إنه قد أغضبني فقالوا : كلما غضبت قلت بغير حق وتركت دينك ؟ فأخذوا الرياسة منه وجعلوها إلى كعب بن الأشرف فنزلت هذه الآية : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } حيث جحدوا تنزيله { إِذْ قَالُواْ : مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مّن شَيْءٍ } يعني على رسول من كتاب { قُلْ } يا محمد { مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَـٰبَ ٱلَّذِي جَاء بِهِ مُوسَىٰ } وهو التوراة { نُوراً } يعني ضياء { وَهَدَىٰ } يعني بياناً { لِلنَّاسِ } من الضلالة { تَجْعَلُونَهُ قَرٰطِيسَ } يقول : تكتبونه في الصحف { تُبْدُونَهَا } يقول : تظهرونها في الصحف { وَتُخْفُونَ كَثِيراً } يعني تكتمون ما فيه صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - ونعته وآية الرجم وتحريم الخمر . { وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ ءابَاؤُكُمْ } يعني علمتم أنتم وآباؤكم في التوراة ما لم تعلموا . ويقال : علمتم على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم فإن أجابوك وإلا فـ { قُلِ : ٱللَّهُ } أنزله على موسى { ثُمَّ ذَرْهُمْ } إن لم يصدقوك { فِي خَوْضِهِمْ } يعني في باطلهم { يَلْعَبُونَ } يعني يلهون ويفترون . قرأ ابن كثير وأبو عمرو : ( يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيراً ) كل ذلك بالياء على لفظ المغايبة . وقرأ الباقون : بالتاء على معنى المخاطبة لأن ابتداء الكلام على المخاطبة . ثم قال : { وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ } يعني القرآن أنزلناه على محمد - صلى الله عليه وسلم - { مُّبَارَكٌ } لمن عمل به لأن فيه مغفرة للذنوب . وقال الضحاك ( مبارك ) يعني القرآن لا يتلى على ذي عاهة إلا برىء ولا يتلى في بيت إلا وخرج منه الشيطان . { مُّصَدّقُ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } يعني هو مصدق الذي بين يديه من الكتب { وَلِيُنْذِرَ } قرأ عاصم في رواية أبي بكر ( ولينذر ) بالياء يعني الكتاب يعني أنزلناه للإنذار والبركة . وقرأ الباقون : بالتاء يعني لتنذر به يا محمد { أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } يعني أهل مكة [ وهي أصل القرى ] وإنما سميت أم القرى لأن الأرض كلها دُحِيَتْ من تحت الكعبة . ويقال : لأنها مثلث قبلة للناس جميعاً أي : يؤمونها . ويقال : سميت أم القرى لأنها أعظم القرى شأناً ومنزلة { وَمَنْ حَوْلَهَا } يعني قرى الأرض كلها . ثم قال : { وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } يعني بالبعث { يُؤْمِنُونَ بِهِ } أي بالقرآن ومن هم في علم الله أنه سيؤمن { وَهُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } بوضوئها وركوعها وسجودها ومواقيتها .