Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 19-25)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَيَـا آدَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ } يعني وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة { فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا } أي من حيث أحببتما موسعاً عليكما { وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } يعني لا تأكلا من هذه الشجرة { فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّـٰلِمِينَ } فتصيرا من الضارين بأنفسكما . قوله تعالى : { فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَـٰنُ } أي زين لهما الشيطان { لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءاتِهِمَا } يعني أراد إبليس لعنه الله بالوسوسة ليظهر ما سترا من عوراتهما . والسوأة كناية عن العورة . وذلك أن إبليس لما رأى محسوده في الجنة ورأى نفسه طريداً لم يصبر ، واحتال لإخراجهما فأتاهما { وَقَالَ مَا نَهَـٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ } يعني أنكما لو أكلتما تصيران كالملكين تموتان أبداً . أو تكونا كالملائكة وتعلمان الخير والشر { أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَـٰلِدِينَ } يعني إن لم تكونا مَلَكَيْنِ فتكونا من الخالدين لا تموتان . وقرأ بعضهم مَلِكَيْنِ بالكسر كما قال في آية أُخرى { وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } [ طه : 120 ] وهي قراءة يحيى بن كثير وهي قراءة شاذة . قوله : { وَقَاسَمَهُمَا } أي : حلف لهما { إِنّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ } بأنها شجرة الخلد ، من أكل منها لم يمت ، وكان آدم لم يعلم أن أحداً يحلف بالله كاذباً . { فَدَلَّـٰهُمَا بِغُرُورٍ } أي غرهما بباطل ، ويقال زَيَّنَ لهما . وأصله في اللغة من التقريب يعني قربهما إلى الشجرة { فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ } يقول : فلما أكلا من الشجرة ووصل إلى بطونهما تهافت لباسهما عنهما { بَدَتْ لَهُمَا سَوْءاتُهُمَا } أي ظهرت عوراتهما ، وإنما سميت العورة سوأة لأن كشف العورة قبيح . قال الفقيه : حدثنا أبو جعفر قال حدثنا أبو القاسم أحمد بن حم . قد ذكر بإسناده عن أبَيْ بن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " إن آدم كان رجلاً طويلاً كأنه نخلة سحوق ، كثير شعر الرأس ، فلما وقع في الخطيئة بدت له سوأته وكان لا يراها قبل ذلك ، فانطلق هارباً في الجنة فتعلقت به شجرة من شجر الجنة فناداه ربه يا آدم . أتفر مني ؟ قال يا رب إني أستحي " وفيه دليل أن ستر العورة كان واجباً من وقت آدم . لأنه لما كشف عنهما سترا عوراتهما بالأوراق فذلك قوله { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } أي أقبلا وعمدا يلصقان عليهما من ورق الجنة يعني من ورق التين يطبقان على أبدانهما ورقة ورقة منه . يقال خصف نعله ، وهو إطباق طاق على طاق وأصل الخصف الضم والجمع والخصف إنما هو إلصاق الشيء بالشيء ولهذا قيل خصاف . وقرأ بعضهم وطفَقَا بالنصب وهما لغتان طَفِقَ يَطْفَقُ وطَفَق يَطْفِقُ . { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا } أي قال لهما ربهما { أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ } أي عن أكل تلك الشجرة { وَأَقُل لَّكُمَا } يعني ألم أقل لكما { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ظاهر العداوة . قوله عز وجل { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا } بأكلنا الشجرة فاغفر لنا وتجاوز عن معصيتنا { وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا } يعني إن لم تتجاوز عن ذنوبنا { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } بالعقوبة . فهذه لام القسم ، كأنهما قالا والله لنكونن من الخاسرين إن لم تغفر لنا وترحمنا . وقد ذكر الله تعالى قبول توبتهما في سورة البقرة وهو قوله تعالى : { فَتَابَ عَلَيْهِ } [ البقرة : 37 ] أي قبل توبته . وفي الآية دليل أنّ الله تعالى يعذب عباده إذا أصروا على الذنوب ويتجاوز عنهم إذا تابوا ، لأن إبليس لم يتب وسأل النظرة فجعل مأواه جهنم ، وتاب آدم ورجع عن ذنبه فقبل توبته قوله { قَالَ ٱهْبِطُواْ } يعني آدم وحواء عليهما السلام وإبليس لعنه الله { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } يعني إبليس عدو لآدم وحواء { وَلَكُمْ فِى ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ } أي : منزل وموضع القرار { وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ } أي : معاش إلى وقت الموت قوله تعالى : { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ } أي في الأرض تعيشون { وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } من الأرض ، من قبوركم يوم القيامة . قرأ الكسائي وابن عامر يَخْرُجُون بنصب الياء وضم الراء . وقرأ الباقون بضم الياء ونصب الراء على معنى فعل ما لم يسم فاعله .