Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 35-39)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال : { يَـٰبَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ } وأصله إنْ ما ، ومعناه متى ما يأتيكم { رُسُلٌ مِّنكُمْ } أي : من جنسكم { يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ءايَـٰتِى } أي : يقرءون عليكم ويعرضون عليكم كتابي { فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ } أي اتقى الشرك وأطاع الرسول وأصلح العمل يعني : فمن اتقى عما نهى الله عنه وأصلح . أي : عمل بما أمر الله تعالى به { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } يعني لا خوف عليهم من العذاب ، ولا هم يحزنون من فوات الثواب ، ويقال فلا خوف عليهم فيما يستقبلهم ولا هم يحزنون على ما خلفوا من الدنيا ، ويقال معناه إمَّا يأتينَّكم رسل منكم وأيقنتم ، فلا خوف عليكم فيما يستقبلكم ، فذكر الله ثواب من اتقى وأصلح ثم بين عقوبة من لم يتق فقال عز وجلّ : { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا } أي : تعظموا عن الإيمان فلم يؤمنوا بالرسل وتكبروا عن الإيمان { أُولَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } أي : دائمون . قوله تعالى { فَمَنْ أَظْلَمُ } قال الكلبي : فمن أكفر . وقال بعضهم هذا التفسير خطأ ، لأنه لا يصح أن يقال : هذا أكفر من هذا ، ولكن معناه ، ومن أشد في كفره ، ويقال فلا أحد أظلم ، ويقال أي ظلم أشنع وأقبح { مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } ، يعني من اختلق على الله كذباً . أي شركاً { أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ } جحد بالقرآن { أُوْلَـٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مّنَ ٱلْكِتَـٰبِ } أي : حظهم من العذاب . ويقال نصيبهم حظهم مما أوعدهم اللَّه في الكتاب ، الإهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة . وقال ابن عباس : هو ما ذكر في موضع آخر { وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } ويقال نصيبهم أي ما قضي وقدر عليهم في اللوح المحفوظ من السعادة والشقاوة ، ويقال نصيبهم رزقهم وأجلهم في الدنيا { حَتَّىٰ إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ } يعني أمهلهم حتى يأتيهم ملك الموت وأعوانه عند قبض أرواحهم . ويقال يقول لهم خزنة جهنم قبل دخولها { قَالُوا أَيْنَمَا كُنتُمْ تَدْعُونَ } يعني أن الملائكة يقولون ذلك عند قبض أرواحهم { مِن دُونِ ٱللَّهِ } يمنعونكم من النار { قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا } أي اشتغلوا عنا بأنفسهم { وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَـٰفِرِينَ } في الدنيا . وذلك حين شهدت عليهم جوارحهم ، ثم قال { قَالَ ٱدْخُلُواْ فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم } أي : قالت لهم خزنة النار ادخلوا النار مع أمم قد مضت على مذهبكم { مّن ٱلْجِنّ وَٱلإِنْسِ فِي ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ } يعني النار { أُمَّةٌ } جماعة { لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } أي : على الأمة التي دخلت قبلها في النار . قال مقاتل : يعني لعنوا أهل ملتهم ، يلعن المشركون المشركين والنصارى النصارى وقال الكلبي : تدعو على الأمم التي قبلهم في النار يبدأ بالأمم الأولى فالأولى ، ويبدأ أولاً بقابيل وولده ، ويقال يبدأ بالأكابر فالأكابر مثل فرعون ، كما قال في آية آخرى { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } [ مريم : 69 ] . { حَتَّى إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا } يعني اجتمعوا في النار ، وأصله تداركوا فيها ، يعني اجتمع القادة والأتباع في النار ، وقرأ بعضهم : حَتَّى إذَا أَدْرَكُوا فيه أي : دخلوا في إدراكها ، كما يقال أشتى الرجل إذا دخل في الشتاء وهي قراءة شاذة . { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولَـٰهُمْ } أي : قال أواخر الأمم لأولّهم ، ويقال قالت الأتباع للقادة والرؤساء { رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا } عن الهدى { فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ ٱلنَّارِ } أي : أعظم زيادة من العذاب . { قَالَ } الله تعالى { لِكُلّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } أي : على القادة زيادة من العذاب ولكن لا تعلمون ما عليهم . قرأ عاصم في رواية أبي بكر { وَلَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ } بالياء ، أي لا يعلم فريق منهم عذاب فريق آخر . { وَقَالَتْ أُولَـٰهُمْ لأُِخْرَاهُمْ } أي : أولهم دخولاً لآخرهم دخولاً ، ويقال القادة للأتباع { فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } في شيء كفرتم كما كفرنا فنحن وأنتم سواء في الكفر ، ضللتم كما ضللنا . قال الله تعالى { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } ويقال ، الخزنة فذوقوا العذاب ، ويقال هذا قول بعضهم لبعض فذوقوا العذاب { بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } أي : تكفرون في الدنيا وبترككم الإيمان .