Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 43-47)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِى مَنَامِكَ قَلِيلاً } وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في المنام أن العدو قليل قبل أن يلتقوا فأخبر أصحابه بما رأى في المنام أن العدو قليل . فقالوا رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - حق ، والقوم القليل ، فلما التقوا ببدر قلل الله المشركين في أعين المؤمنين لتصديق رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - . ثم قال { وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ } يعني لجبنتم وتركتم الصف { وَلَتَنَـٰزَعْتُمْ فِى ٱلأَمْرِ } يعني اختلفتم في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ } يعني ولكن الله أتم للمسلمين أمرهم على عدوهم . ويقال : سلم يعني قضى بالهزيمة على الكفار والنصرة للمؤمنين . ويقال : إذ يريكهم الله في منامك قليلاً يعني في عينك . لأن العين موضع النوم ، أي في : موضع منامك . وروي عن الحسن قال : معناه في عينيك التي تنام بها ثم قال { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } يعني إني عالم بسرائركم . { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ } يعني يوم بدر { فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً } في العدد . وروى أبو عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال : لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي أتراهم سبعين ؟ قال أراهم مائة . حتى أخذنا رجلاً منهم فسألناه فقال كما ألفاً . ثم قال { وَيُقَلّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ } معشر المؤمنين في أعين المشركين وذلك حين لقوا العدو ، قلل الله المشركين في أعين المؤمنين لكيلا يجبنوا وقلل المؤمنين في أعين المشركين ليزدادوا جرأة على القتال حتى قتلوا ولكي يظهر الله عندهم فضل المؤمنين { لّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } يعني إذا قضى الله تعالى أمراً فهو كائن ، وهو النصرة للمؤمنين والذل لأهل الشرك بالقتل والهزيمة { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } يعني عواقب الأمور في الآخرة . ثم حرض المؤمنين على القتال فقال : تبارك وتعالى { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ } يعني جماعة من الكفار فاثبتوا لهم وقاتلوهم مع نبيكم { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً } يعني في الحرب { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } يعني تفوزون به ثم قال الله تعالى { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } فيما يأمركم من القتال { وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ } يعني : لا تختلفوا فيما بينكم { فَتَفْشَلُواْ } يعني فتجبنوا من عدوكم { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } . قال مجاهد : يعني نصرتكم ، وذهب ريحهم يوم أُحد حين نازعتموه . وقال الأخفش : يعني دولتكم . وقال قتادة ريح الحرب . وأصله في اللغة تستعمل في الدولة ، ويقال الريح له اليوم يراد به الدولة . ثم قال { وَٱصْبِرُواْ } يعني لقتال عدوكم { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ } يعني معين لهم وناصرهم . ثم قال : { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ } معناه قاتلوا لوجه الله تعالى . ولا تقاتلوا رياءً وسمعةً ولا تكونوا يا أصحاب النبي - عليه السلام - كالذين خرجوا { مِن دِيَـٰرِهِم } وهم أهل مكة { بَطَراً } يعني أشراً وأصله الطغيان في النعمة { وَرِئَاء ٱلنَّاسِ } يعني لكي يذْكروا بمسيرهم ويقولوا تسامع الناس بمسيرنا . وقال محمد بن إسحاق : خرجت قريش وهم تسعمائة وخمسون مقاتلاً ومعهم مائتا فرس يقودونها وخرجوا ومعهم القبِيّات يضربون بالدفوف ويغنون بهجاء المسلمين . ثم قال { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني يصرفون الناس عن دين الإسلام { وَٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } يعني : عالم بهم وبأعمالهم . قوله تعالى : { وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ … }