Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 41-42)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَيْءٍ } فعلمهم قسمة الغنيمة وجعل أربعة أخماسها للذين أصابوها وأمر بأن يقسم الخمس على خمسة أسهم . وقال بعضهم . على ستة أسهم . وقال أبو العالية الرياحي : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤتى بالغنيمة فيقسمها على خمسة أسهم ، أربعة لمن شهدها ، ويأخذ الخمس فيجعله على ستة أسهم ، سهم لله تعالى للكعبة [ سهم الرسول وسهم لذوي القربى أي : قرابة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسهم لليتامى وسهم للمساكين ] ، وسهم لابن السبيل ، وقال بعضهم : سهم الله ورسوله واحد . وروى سفيان عن قيس بن مسلم قال : سألت الحسن بن محمد ابن الحنفية عن قوله : { فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } فأن لله خمسه قال : هذا مفتاح الكلام لله الدنيا والآخرة . ثم قال وقد اختلف بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في سهم الرسول وسهم ذوي القربى . فقال بعضهم : للخليفة ، وقال بعضهم لقرابة الخليفة ، فاجتمعوا على أن جعلوا هذين السهمين في الكراع والعدة في سبيل الله تعالى . فكانا كذلك في خلافة أبي بكر وعمر . وروى أبو يوسف عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان الخمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم على خمسة أسهم ، سهم الله ورسوله واحد ، ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل . وقسم بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ على ثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل . وبهذا أخذ أبو حنيفة رضي الله عنه وأصحابه أن الخمس يقسم على ثلاثة أسهم ولا يكون لأغنياء ذوي القربى شيء ، ويكون لفقرائهم فيه نصيب كما يكون لسائر الفقراء ، وكذلك يتاماهم وابن السبيل منهم . وذلك قوله { فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ } ثم قال : { إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ } يجوز أن تكون متعلقة بقوله { فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ } إن كنتم آمنتم بالله عز وجل ، ويجوز أن يكون معناه فاقبلوا ما أمرتم به من الغنيمة في الخمس إن كنتم آمنتم بالله يعني إذ كنتم صدقتم بتوحيد الله { وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } يعني وصدقتم بما أنزلنا على عبدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - من القرآن يوم الفرقان ، يعني يوم بدر . قال الكلبي أي : يوم النصرة ويوم بدر في أمر الغنيمة ، فَرَّقَ بين الحق والباطل . وقال مقاتل : معناه وما أنزلنا من الفرقان يوم بدر فأَقرُّوا بحكم الله تعالى في أمر الغنيمة . { يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } يعني يوم جمع المسلمين وجمع المشركين { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } يعني على نصرة المؤمنين وهزيمة الكافرين . ثم قال الله تعالى { إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ ٱلدُّنْيَا } يعني اذكروا هذه النعمة إذ كنتم بالعدوة الدنيا . قرأ ابن كثير وأبو عمرو بِالْعِدْوَةِ بالكسر . وقرأ الباقون بالضم ومعناهما واحد ، وهو شفير الوادي ، ويقال عِدْوَةِ الوادي وعُدْوته ، يعني كنتم على شاطىء الوادي مما يلي المدينة ، { وَهُم بِٱلْعُدْوَةِ ٱلْقُصْوَىٰ } يعني من الجانب الآخر مما يلي مكة ، { وَٱلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ } يعني العير أسفل منكم بثلاثة أميال على شاطىء البحر حين أقبلوا من الشام . { وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ } يعني ولو تواعدتم أنتم والمشركون بالإجماع للقتال { لاَخْتَلَفْتُمْ فِي ٱلْمِيعَـٰدِ } أنتم والمشركون { وَلَـٰكِنِ } جمع الله بينكم على غير ميعاد { لّيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً } يعني كائناً ، وكان من قضائه هزيمة الكفار ونصرة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه . قوله تعالى : { لّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ } أي : ليكفر من أراد الكفر بعد البيان له من الله تعالى { وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيّنَةٍ } يقول ويؤمن من أراد أن يؤمن بعد البيان له من الله تعالى . وقال الكلبي : ليهلك من هلك على الكفر بعد البيان ، ويحيى من حي بالإيمان عن بينة . ويقال هذا وعيد من الله تعالى لأهل مكة . يقول ليقم على كفره من أراد أن يقيم بعد ما بينت له الحق ببدر حين فرقت الحق من الباطل ، ويحي يعني يقم على الإيمان من أراد أن يقيم بعد ما أرسلت إليه الرسول وأقمت عليه الحجة . قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر ، وابن كثير في رواية شبل البزي مَنْ حَيِيَ بإظهار اليائين . والباقون بياء واحدة . وأصله بيائين إلا أن أحد الحرفين أدغم في الآخر لأنهما من جنس واحد ثم قال : { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } قوله تعالى : { إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ … }