Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 9-11)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ } وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى كثرة المشركين علم أنه لا قوة لهم إلا بالله . فدعا ربه فقال : " اللهم إنك وعدتني النصر وإنك لا تخلف الميعاد " فاستجاب له ربه ونزل { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ } يقول واذكروا إذ تسألون ربكم وتدعونه يوم بدر بالنصرة على عدوكم ، { فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ } يعني فأجابكم ربكم { أَنّي مُمِدُّكُمْ } يعني : أزيدكم { بِأَلْفٍ مّنَ ٱلْمَلَـئِكَةِ مُرْدِفِينَ } يعني متتابعين " بعضهم " على أثر بعض . قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر مُرْدَفِينَ بالنصب وقرأ الباقون بالكسر . وكلاهما يرجع إلى معنى واحد ، وهو التتابع . وقال عكرمة : أمدهم يوم بدر بألف من الملائكة وعددهم ثلاثة آلاف من الملائكة لغزوة بعده بدعائه وزاده ألفين فذلك خمسة آلاف من الملائكة ، ويقال هذا كله كان يوم بدر . ثم قال عز وجل { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ } يقول ما أنزل الله من الملائكة إلا للبشارة . وقال بعضهم : إن الملائكة لم يقاتلوا وإنّما كانوا مبشرين . وروي عن ابن عباس أنه قال : قاتلت الملائكة يوم بدر ولم يقاتلوا يوم الأحزاب ولا يوم حنين ، { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ } يعني مدد الملائكة إلاَّ بُشْرَى { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } يعني لتسكن إليه قلوبكم { وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } يعني ليس النصر بقلة العدد ولا بكثرة العدد ولكن النصرة من عند الله { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } عزيز بالنقمة ، حكيم حكم بالنصرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وللمؤمنين وللهزيمة للمشركين . قوله تعالى : { إِذْ يُغَشّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ } يقول ألقى عليكم النوم { أَمَنَةً مّنْهُ } يعني : أمناً من عند الله . وروى عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال : النعاس عند القتال أمنة من الله وهو في الصلاة من الشيطان . قرأ نافع يُغْشِيكُمْ ( النُّعَاسَ ) بضم الياء وجزم الغين ونصب النعاس ومعناه يُغْشِيكُمْ الله النُّعَاسَ وقرأ ابن كثير وأبو عمرو يَغْشَاكُمُ النُّعَاسُ بالألف ونصب الياء وضم النعاسُ . يعني أخذكم النعاسُ . وقرأ الباقون بضم الياء وتشديد الشين ونصب النعاس { يُغَشّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ } ومعناه يغشيكم الله النعاسَ أمنةً منه ، والتشديد للمبالغة ثم قال { وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن ٱلسَّمَاء مَاءً لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ } يعني بالماء من الأحداث والجنابة { وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَـٰنِ } يعني وسوسة الشيطان وكيده . وقال القتبي : أصل الرجز العذاب كقوله : { رِجْزًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [ البقرة : 59 ] ثم سمى كيد الشيطان رجزاً . لأنه سبب العذاب . ثم قال : { وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ } يعني يشدد قلوبكم بالنصرة منه عند القتال { وَيُثَبّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } يعني لتستقر الرجل على الرمل حتى أمكنكم الوقوف عليه ، ويقال ويثبت به الأقدام في الحرب . ثم قال تعالى : { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ … }