Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 12-16)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ } يعني ألهم ربك الملائكة { أَنّي مَعَكُمْ } أي معينكم وناصركم { فَثَبّتُواْ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } يعني بشروا المؤمنين بالنصر . فكان الملك يمشي أمام الصف فيقول أبشروا فإنكم كثير وعدوكم قليل . والله ناصركم { سَأُلْقِي } يعني سأقذف { فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ } يعني الخوف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " والمؤمنين " . ثم علم المؤمنين كيف يضربون ويقتلون فقال تعالى : { فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَـٰقِ } يعني على الأعناق { وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } يعني أطراف الأصابع وغيرها . ويقال كل مفصل . قال الفقيه : سمعت من حكى عن أبي سعيد الفاريابي أنه قال : أراد الله إلاَّ يلطخ سيوفهم بفرث المشركين فأمرهم أن يضربوا على الأعناق ولا يضربوا على الوسط ، ويقال معناه اضربوا كل شيء استقبلكم من أعضائهم ولا ترحموهم . { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ } يعني ذلك الضرب والقتل سبب أَنَّهُمْ { شَاقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } يعني عادوا الله ورسوله وخالفوا الله ورسوله { وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ } ورسوله يعني من يخالف الله { وَرَسُولَهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } إذا عاقب . ثم قال تعالى : { ذٰلِكُمْ } يعني ذلكم القتل يوم بدر { فَذُوقُوهُ } في الدنيا { وَأَنَّ لِلْكَـٰفِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ } يوم القيامة مع القتل في الدنيا ، يعني إن القتل والضرب لم يصر كفارةً لهم . قوله تعالى : { يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني إذا لقيتم الذين كفروا بتوحيد الله تعالى يوم بدر { زَحْفاً } يعني مزاحفة ، ويقال زحف القوم إذا دنوا للقتال ، ومعناه إذا وافقتموهم للقتال { فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأّدْبَارَ } يعني منهزمين . { وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ } يعني ظهره منهزماً يومئذ يعني يوم حربهم . وقال الكلبي : يعني يوم بدر خاصة . { إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لّقِتَالٍ } يعني مستطرداً للكرة يريد الكرة للقتال { أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ } يعني ينحاز من فئة إلى فئة من أصحابه يمنعونه عن العدو . قال أهل اللغة تحوزت وتحيزت أي : انضممت إليه ومعناه إذا كان منفرداً فينحاز ليكون مع المقاتلة . { فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مّنَ ٱللَّهِ } وفي الآية تقديم ، يعني ومن يولهم يومئذ دبره فقد باء بغضب من الله ، أي استوجب الغضب من الله { وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة . وروي عن الحسن أنه قال : كان هذا يوم بدر وغيره ، وعن الضحاك قال : هذا يوم بدر خاصة لأنه لم يكن لهم فئة ينحازون إليها ، وعن داود بن أبي هند عن أبي نضرة قال : نزلت يوم بدر لأنهم لم ينحازوا إلا إلى المشركين ، لم يكن في الأرض مسلمون غيرهم . وقد قال بعضهم بأن الآية غير منسوخه ، لأنه لا يجوز للواحد أن يهرب من الاثنين وأن يهرب من الجماعة ، وإذا لم يكن معه سلاح جاز له أن يهرب ممن معه سلاح ، وإذا لم يكن رامياً جاز له أن يهرب من الرامي . فإذا كان عدد المسلمين نصف عدد الكفار ومعهم سلاح لا يجوز لهم أن يهربوا منهم ، وإذا كان المسلمون اثني عشر ألفاً ومعهم سلاح لا يجوز لهم أن يهربوا من الكفار وإن كانوا مائة ألف ، لأنه روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " خير الصحابة أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة إذا كانت كلمتهم واحدة . فينبغي لهم أن يجعلوا كلمتهم واحدة ويقاتلوهم حتى ينصرهم الله تعالى " والآية نزلت في الذي لا يجوز له الهرب . وروى سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي المغيث عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " اجتنبوا السبع الموبقات » . قيل وما هي يا رسول الله ؟ قال : « الشرك بالله وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات " قوله تعالى { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ … }