Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 107-108)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا } يعني بنوا مسجداً مضرة للمسلمين . وقال القتبي يعني مضارة ليضاروا به مخالفيهم ليدخلوا عليهم المضرة { وَكُفْراً } يعني وإظهاراً للكفر { وَتَفْرِيقًا بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } قرأ نافع وابن عامر { ٱلَّذِينَ } بغير واو . وقرأ الباقون بالواو ومعناهما واحد . إلا أن الواو للعطف . نزلت الآية في سبعة عشر من المنافقين من بني غنم بن عوف قالوا تعالوا نبني مسجداً يكون فيه متحدثنا ومجمع رأينا . فانطلقوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه أن يأذن لهم في بناء المسجد وقالوا قد بعد علينا المسير إلى الصلاة معك فتفوتنا الصلاة فأذن لنا أن نبني مسجداً لذوي العلة والليلة المطيرة . فأذن لهم . وكانوا ينظرون رجوع أبي عامر الراهب من الشام . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - سماه فاسقاً . وقال : " لا تقولوا راهباً ولكن قولوا فاسق " وقد كان آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين ثم رجع عن الإسلام فدعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمات كافراً . فلما ظهر أمرهم ونفاقهم جاؤوا يحلفون { إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ } أي أردنا ببناء المسجد فنزل { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا } . يعني بنوا المسجد للضرار والكفر وللتفريق بين المؤمنين لكي يصلي بعضهم في مسجد قباء وبعضهم في مسجدهم وليجتمع الناس إلى مسجدهم ويتفرق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { وَإِرْصَادًا لّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ } يعني انتظاراً لمن هو كافر بالله ورسوله من قبل بناء المسجد أن يقدم عليهم من قبل الشام ، وهو أبو عامر الراهب { وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ } أي : ما أردنا ببناء المسجد إلاّ صواباً لكيلا تفوتنا الصلاة بالجماعة ولكي يرجع أبو عامر فيسلم { وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } فيما حلفوا ، وإنَّما اجتمعوا فيه لإظهار النفاق والكفر ثم قال { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا } يعني لا تصل فيه أبداً . لأنهم طلبوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي ويصلي فيه لكي يتبرك بصلاته فيه فنهاه الله عن ذلك ونزل { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا } ثم قال { لَّمَسْجِدٌ أُسّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ } يعني المسجد الذي بني على التوحيد من أول يوم . قال الأخفش : بني لوجه الله تعالى منذ أول يوم . ويقال بني للذكر والتكبير والتهليل وإظهار الإسلام وقهر الشرك من أول يوم بني . ثم قال { أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ } يعني أولى وأجدر أن تصلي فيه ثم قال { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ } يعني الاستنجاء بالماء . ويقال يحبون أن يتطهروا يعني يطهروا أنفسهم من الذنوب وذلك أن ناساً من أهل قباء كانوا إذا أتوا الخلاء استنجوا بالماء وهم أول من فعل ذلك واقتدى بهم من بعدهم . وروي في الخبر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف بباب المسجد ، بعد نزول الآية وقال لمن فيه : « إنّ الله قد أحسن عليكم الثناء في طهوركم . فبم تطهرون ؟ قالوا : نستنجي بالماء فقرأ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآية وذلك قوله { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهّرِينَ } " وقال سعيد بن المسيب : المسجد الذي أسس على التقوى مسجد المدينة الأعظم . وعن سهل بن سعد الساعدي قال : " اختلف رجلان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد الذي أسس على التقوى فقال أحدهما هو مسجد رسول الله وقال الآخر هو مسجد قباء فذكر ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : « هو مسجدي هذا " وروي عن ابن عباس أنه قال " هو مسجد قباء " ثم قال : { أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ … }