Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 58-62)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه } الآية . قال ابن إسحاق والسدي : وإنما جاءُوا ليمتاروا من مصر في سني القحط التي ذكرها يوسف في تفسير الرؤيا ، ودخلوا على يوسف لأنه كان هو الذي يتولى بيع الطعام لعزته . { فعرفهم } فيه وجهان : أحدهما : أنه عرفهم حين دخلوا عليه من غير تعريف ، قاله ابن عباس . الثاني : ما عرفهم حتى تعرفوا إليه فعرفهم ، قاله الحسن . وقيل بل عرفهم بلسانهم العبراني حين تكلموا به . قال ابن عباس : إنما سميت عبرانية لأن إبراهيم عليه السلام عبر بهم فلسطين فنزل من وراء نهر الأردن فسمّوا العبرانية . { وهم له منكرون } لأنه فارقوه صغيراً فكبر ، وفقيراً فاستغنى ، وباعوه عبداً فصار ملكاً ، فلذلك أنكروه ، ولم يتعرف إليهم ليعرفوه . قوله عز وجل : { ولمّا جهزهم بجهازهم } وذلك أنه كال لهم الطعام ، قال ابن إسحاق : وحمل لكل رجل منهم بعيراً بعدَّتهم . { قال ائتوني بأخٍ لكم من أبيكم } قال قتادة : يعني بنيامين وكان أخا يوسف لأبيه وأمه . قال السدي : أدخلهم الدار وقال : قد استربت بكم تنكر عليهم فأخبروني من أنتم فإني أخاف أن تكونوا عيوناً ، فذكروا حال أبيهم وحالهم وحال يوسف وحال أخيه وتخلفه مع أبيه ، فقال : إن كنتم صادقين فائتوني بهذا الأخ الذي لكم من أبيكم ، وأظهر لهم أنه يريد أن يستبرىء به أحوالهم . وقيل : بل وصفوا له أنه أحَبُّ إلى أبيهم منهم ، فأظهر لهم محبة رؤيته . { ألا تروْن أني أوفي الكيلَ } يحتمل وجهين : أحدهما : أنه أرخص لهم في السعر فصار زيادة في الكيل . الثاني : أنه كال لهم بمكيال واف . { وأنا خير المنزلين } فيه وجهان : أحدهما : يعني خير المضيفين ، قاله مجاهد . الثاني : وهو محتمل ، خير من نزلتم عليه من المأمونين . فهو على التأويل الأول مأخوذ من النزل وهو الطعام ، وعلى التأويل الثاني مأخوذ من المنزل وهو الدار . قوله عز وجل : { فإن لم تأتوني به فلا كيْل لكم عندي } يعني فيما بعد لأنه قد وفاهم كيلهم في هذه الحال . { ولا تقربون } أي لا أنزلكم عندي منزلة القريب . ولم يُرد أن يبعدوا منه ولا يعودوا إليه لأنه على العود حثهم . قال السدي : وطلب منهم رهينة حتى يرجعوا ، فارتهن شمعون عنده . قال الكلبي : إنما اختار شمعون منهم لأنه يوم الجُبّ كان أجملهم قولاً وأحسنهم رأياً . قوله عز وجل : { قالوا سَنُرَاوِدُ عنه أباه } والمراودة الاجتهاد في الطلب ، مأخوذ من الإرادة . { وَإِنَّا لَفَاعِلُون } فيه وجهان : أحدهما : وإنا لفاعلون مراودة أبيه وطلبه منه . الثاني : وإنا لفاعلون للعود إليه بأخيهم ، قاله ابن إسحاق . فإن قيل : كيف استجاز يوسف إدخال الحزن على أبيه بطلب أخيه ؟ قيل عن هذا أربعة أجوبة : أحدها : يجوز أن يكون الله عز وجل أمره بذلك ابتلاء ليعقوب ليُعظم له الثواب فاتّبع أمره فيه . الثاني : يجوز أن يكون أراد بذلك أن ينبه يعقوب على حال يوسف . الثالث : لتضاعف المسرة ليعقوب برجوع ولديه عليه . والرابع : ليقدم سرور أخيه بالاجتماع معه قبل إخوته لميله إليه . قوله عز وجل : { وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم } قرأ حمزة والكسائي وحفص { لفتيانه } وفيهم قولان : أحدهما : أنهم غلمانه ، قاله قتادة . الثاني : أنهم الذين كالوا لهم الطعام ، قاله السدي . وفي بضاعتهم قولان : أحدهما : أنها وَرِقهم التي ابتاعوا الطعام بها . الثاني : أنها كانت ثمانية جُرُب فيها سويق المقل ، قاله الضحاك . وقال بعض العلماء : نبه الله تعالى برد بضاعتهم إليهم على أن أعمال العباد تعود إليهم فيما يثابون إليه من الطاعات ويعاقبون عليه من المعاصي . { لعلهم يعرفونها } أي ليعرفوها . { وإذا انقلبوا إلى أهلهم } يعني رجعوا إلى أهلهم ، ومنه قوله تعالى { فانقلبوا بنعمة من الله } [ آل عمران : 174 ] . { لعلهم يرجعون } أي ليرجعوا . فإن قيل : فلم فعل ذلك يوسف ؟ قيل : يحتمل أوجهاً خمسة : أحدها : ترغيباً لهم ليرجعوا ، على ما صرّح به . الثاني : أنه علم منهم لا يستحلّون إمساكها ، وأنهم يرجعون لتعريفها . الثالث : ليعلموا أنه لم يكن طلبه لعودهم طمعاً في أموالهم . الرابع : أنه خشي أن لا يكون عند أبيه غيرها للقحط الذي نزل به . الخامس : أنه تحرج أن يأخذ من أبيه وإخوته ثمن قوتهم مع شدة حاجتهم .