Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 32-37)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { رَبّنا إني أسكنت مِنْ ذُرِّيتي بوادٍ غير ذي زَرْعٍ } هذا قول إبراهيم عليه السلام . وقوله { مِن ذريتي } يريد بهم إسماعيل وهاجر أُمه . { بوادٍ غير ذي زرع } يعني مكة أسكنها في بطحائها ، ولم يكن بها ساكن ، ثقة بالله وتوكلاً عليه . { عند بيتك المحرم } لأنه قبلة الصلوات فلذلك أسكنهم عنده . وأضاف البيت إليه لأنه لا يملكه غيره ، ووصفه بأنه محرَّم لأنه يحرم فيه ما يستباح في غيره من جماع واستحلال . { ربّنا ليقيموا الصلاة } يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون سأل الله تعالى بذلك أن يهديهم إلى إقامة الصلاة . الثاني : أن يكون ذكر سبب تركهم فيه أن يقيموا الصلاة . { فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم } في { أفئدة } وجهان : أحدهما : أن الأفئدة جمع فؤاد وهي القلوب ، وقد يعبر عن القلب بالفؤاد ، قال الشاعر : @ وإنّ فؤاداً قادَني بصبابةٍ إليك على طول الهوَى لصَبورُ @@ الثاني : أن الأفئدة جمع وفد ، فكأنه قال : فاجعل وفوداً من الأمم تهوي إليهم . وفي قوله : { تهوي إليهم } أربعة أوجه : أحدها : أنه بمعنى تحن إليهم ، الثاني : أنه بمعنى تنزل إليهم ، لأن مكة في واد والقاصد إليها نازل إليها ، الثالث : ترتفع إليهم ، لأن ما في القلوب بخروجه منها كالمرتفع عنها . الرابع : تهواهم . وقد قرىء تهْوَى . وفي مسألة إبراهيم عليه السلام أن يجعل اللهُ أفئدةً من الناس تهوي إليهم قولان : أحدهما : ليهووا السكنى بمكة فيصير بلداً محرّماً ، قاله ابن عباس . الثاني : لينزعوا إلى مكة فيحجوا ، قاله سعيد بن جبير ومجاهد . قال ابن عباس : لولا أنه قال من الناس لحجه اليهود والنصارى وفارس والروم . { وارزقهم من الثمرات } فيه وجهان : أحدهما : يريد ثمرات القلوب بأن تحببهم إلى قلوب الناس فيزوروهم . الثاني : ومن الظاهر من ثمرات النخل والأشجار ، فأجابه بما في الطائف من الثمار ، وما يجلب إلهم من الأمصار . { لَعَلَّهُمْ يشكرون } أي لكي يشكروك . قوله عز وجل : { ربنا اغفر لي ولوالديَّ وللمؤمنين } وفي استغفاره لوالديه مع شركهما ثلاثة أوجه : أحدهما : كانا حيين فطمع في إيمانهما . فدعا لهما بالاستغفار ، فلما ماتا على الكفر لم يستغفر لهما . الثاني : أنه أراد آدم وحوّاء . الثالث : أنه أراد ولديه إسماعيل وإسحاق . وكان إبراهيم يقرأ : { رب اغفر لي ولوالدي } يعني ابنيه ، وكذلك قرأ يحيى بن يعمر .