Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 44-46)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وأنذر النّاس يَوْمَ يأتيهم العذاب } معناه وأنذرهم باليوم الذي يأتيهم فيه العذاب ، يعني يوم القيامة . وإنما خصه بيوم العذاب وإن كان يوم الثواب أيضاً لأن الكلام خرج مخرج التهديد للعاصي وإن تضمن ترغيباً للمطيع . { فيقول الذين ظلَموا ربّنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرُّسل } طلبوا رجوعاً إلى الدنيا حين ظهر لهم الحق في الآخرة ليستدركوا فارط ذنوبهم ، وليست الآخرة دار توبة فتقبل توبتهم ، كما ليست بدار تكليف فيستأنف تكليفهم . فأجابهم الله تعالى عن هذا الطلب فقال : { أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوالٍ } فيه وجهان : أحدهما : ما لكم من انتقال عن الدنيا إلى الآخرة ، قاله مجاهد . الثاني : ما لكم من زوال عن العذاب ، قاله الحسن . قوله عز وجل : { وقد مكروا مكرهم } فيه قولان : أحدهما : أنه عنى بالمكر الشرك ، قاله ابن عباس . الثاني : أنه عنى به العتو والتجبّر ، وهي فيمن تجبر في ملكه وصعد مع النسرين في الهواء ، قاله علي رضي الله عنه . وقال ابن عباس : هو النمرود بن كنعان بن سنحاريب بن حام بن نوح بنى الصرح في قرية الرس من سواد الكوفة ، وجعل طوله خمسة آلاف ذراع ، وعرضه ثلاثة آلاف ذراع وخمسة وعشرين ذراعاً وصعد منه مع النسور ، فلما علم أنه لا سبيل إلى السماء اتخذه حصناً وجمع فيه أهله وولده ليتحصن فيه ، فأتى الله بنيانه من القواعد ، فتداعى الصرح عليهم ، فهلكوا جميعاً ، فهذا معنى قوله { وقد مكروا مكرهم } . { وعند الله مكرهم } فيه وجهان : أحدهما : وعند الله مكرهم عالماً به لا يخفى عليه ، قاله علي بن عيسى . الثاني : وعند الله مكرهم محفوظاً عليهم حتى يجازيهم عليه ، قاله الحسن وقتادة . { وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } فيه قراءتان . إحداهما : بكسر اللام الأولى وفتح الثانية ، ومعناها وما كان مكرهم لتزول منه الجبال ، احتقاراً له ، قاله ابن عباس والحسن . الثانية : بفتح اللام الأولى وضم الثانية ، ومعناها وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال استعظاماً له . قرأ عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عباس وأبيّ بن كعب رضي الله عنهم { وإن كاد مكرهم لتزول منه الجبال } . وفي { الجبال } التي عنى زوالها بمكرهم قولان : أحدهما : جبال الأرض . الثاني : الإسلام والقرآن ، لأنه لثبوته ، ورسوخه كالجبال .