Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 110-111)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى } في سبب نزولها قولان : أحدهما : قاله الكلبي . أن ذكر الرحمن كان في القرآن قليلاً وهو في التوراة كثير ، فلما أسلم ناس من اليهود منهم ابن سلام وأصحابه ساءَهم قلة ذكر الرحمن في القرآن ، وأحبوا أن يكون كثيراً فنزلت . الثاني : ما قاله ابن عباس أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً يدعو " يا رحمن يا رحيم " فقال المشركون هذا يزعم أن له إِلهاً واحداً وهو يدعو مثنى ، فنزلت الآية . { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً } فيه قولان : أحدهما : أنه عنى بالصلاة الدعاء ، ومعنى ذلك ولا تجهر بدعائك ولا تخافت به ، وهذا قول عائشة رضي الله عنها ومكحول . قال إبراهيم : لينتهين أقوام يشخصون بأبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم أبصارهم . الثاني : أنه عنى بذلك الصلاة المشروعة ، واختلف قائلو ذلك فيما نهى عنه من الجهر بها والمخافتة فيها على خمسة أقاويل : أحدها : أنه نهى عن الجهر بالقراءة فيها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة كان يجهر بالقراءة جهراً شديداً ، فكان إذا سمعه المشركون سبّوه ، فنهاه الله تعالى عن شدة الجهر ، وأن لا يخافت بها حتى لا يسمعه أصحابه ، ويبتغي بين ذلك سبيلاً ، قاله ابن عباس . الثاني : أنه نهى عن الجهر بالقراءة في جميعها وعن الإسرار بها في جميعها وأن يجهر في صلاة الليل ويسر في صلاة النهار . الثالث : أنه نهي عن الجهر بالتشهد في الصلاة ، قاله ابن سيرين . الرابع : أنه نهي عن الجهر بفعل الصلاة لأنه كان يجهر بصلاته ، بمكة فتؤذيه قريش ، فخافت بها واستسر ، فأمره الله ألاّ يجهر بها كما كان ، ولا يخافت بها كما صار ، ويبتغي بين ذلك سبيلاً ، قاله عكرمة . الخامس : يعني لا تجهر بصلاتك تحسنها مرائياً بها في العلانية ، ولا تخافت بها تسيئها في السريرة ، قال الحسن : تحسّن علانيتها وتسيء سريرتها . وقيل : لا تصلّها رياءً ولا تتركها حياء . والأول أظهر . روي أن أبا بكر الصديق كان إذا صلى خفض من صوته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " لم تفعل هذا " قال : أناجي ربي وقد علم حاجتي ، فقال صلى الله عليه وسلم " أحسنت " . وكان عمر بن الخطاب يرفع صوته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " لم تفعل هذا " فقال أُوقظ الوسنان وأطرد الشيطان فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أحسنت " . فلما نزلت هذه الآية قال لأبي بكر : " ارفع شيئا " وقال لعمر : " أخفض شيئاً " . قوله تعالى : { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً } يحتمل وجهين : أحدهما : أمره بالحمد لتنزيه الله تعالى عن الولد . الثاني : لبطلان ما قرنه المشركون به من الولد . { ولم يكن له شريك في الملك } لأنه واحد لا شريك له في ملك ولا عبادة . { ولم يكن له وليٌّ من الذل } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : لم يحالف أحداً . الثاني : لا يبتغي نصر أحد . الثالث : لم يكن له وليٌّ من اليهود والنصارى لأنهم أذل الناس ، قاله الكلبي . { وكبره تكبيراً } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : صِفه بأنه أكبر من كل شيء . الثاني : كبّره تكبيراً عن كل ما لا يجوز في صفته . الثالث : عظِّمْه تعظيماً والله أعلم .