Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 60-65)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { وإذا قال موسى لفتاه } يعني يوشع بن نون وهو ابن أخت موسى وسمي فتاهُ لملازمته إياه ، قيل في العلم ، وقيل في الخدمة ، وهو خليفة موسى على قومه من بعده . وقال محمد بن إسحاق : إن موسى الذي طلب الخضر هو موسى بن منشى بن يوسف ، وكان نبياً في بني إسرائيل قبل موسى بن عمران . والذي عليه جمهور المسلمين أنه موسى بن عمران . { لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : يعني بحر الروم وبحر فارس ، أحدهما قبل المشرق ، والآخر قبل المغرب وحكى الطبري أنه ليس في الأرض مكان أكثر ماء منه . والقول الثاني : هو بحر أرمينية مما يلي الأبواب . الثالث : الخضرُ وإلياس ، وهما بحران في العلم ، حكاه السدي . { أو أمضي حُقباً } فيه خمسة أوجه : أحدها : أن الحقب ثمانون سنة ، قاله عبد الله بن عمر . الثاني : سبعون سنة ، قاله مجاهد . الثالث : أن الحقب الزمان ، قاله قتادة . الرابع : أنه الدهر ، قاله ابن عباس ، ومنه قول امرىء القيس : @ نحن الملوك وأبناء الملوك ، لنا مِلكٌ به عاش هذا الناس أحقابا @@ الخامس : أنه سنة بلغة قيس ، قاله الكلبي . وفي قوله { لا أبْرحُ } تأويلان : أحدهما : لا أفارقك ، ومنه قول الشاعر : @ إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانةً وتحمل أُخرى أثقلتك الودائع @@ الثاني : لا أزال ، قاله الفراء ، ومنه قول الشاعر : @ وأبرح ما أدام اللهُ قومي بحمد الله منتطقاً مجيداً @@ أي لا أزال . وقيل إنه قال { لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين } لأنه وعد أن يلقى عنده الخضر عليه السلام . { فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حُوتَهما } قيل إنهما تزودا حوتاً مملوحاً وتركاه حين جلسا ، وفيه وجهان : أحدهما : أنه ضل عنهما حتى اتخذ سبيله في البحر سرباً ، فسمي ضلاله عنهما نسياناً منهما . الثاني : أنه من النسيان له والسهو عنه . ثم فيه وجهان : أحدهما : أن الناسي له أحدهما وهو يوشع بن نون وحده وإن أضيف النسيان إليهما ، كما يقال نسي القوم زادهم إذا نسيه أحدهم . الثاني : أن يوشع نسي أن يحمل الحوت ونسي موسى أن يأمره فيه بشيء ، فصار كل واحد منهما ناسياً لغير ما نسيه الآخر . { فاتّخذ سبيله في البحر سَرَباً } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : مسلكاً ، قاله مجاهد وابن زيد . الثاني : يبساً ، قاله الكلبي . الثالث : عجباً ، قاله مقاتل . قوله عز وجل : { فلما جاوَزا } يعني مكان الحوت . { قال لفَتاهُ } يعني موسى قال لفتاه يوشع بن نون . { آتِنا غداءَنا } والغداء الطعام بالغداة كما أن العشاء طعام العشي والإنسان إلى الغداء أشد حاجة منه إلى العشاء . { لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً } فيه وجهان : أحدهما : أنه التعب . الثاني : الوهن . { قال أرأيت إذ أوينا الى الصخرة } فيه قولان : أحدهما : قاله مقاتل ، إن الصخرة بأرض تسمى شره ان على ساحل بحر أيلة ، وعندها عين تسمى عين الحياة . الثاني : أنها الصخرة التي دون نهر الزيت على الطريق . { فإني نسيت الحُوت } فيه وجهان : أحدهما : فإني نسيت حمل الحوت . الثاني : فإني نسيت أن أخبرك بأمر الحوت . { وما أنسانيه إلاّ الشيطان أن اذكُره } أي أنسانية بوسوسته إليّ وشغله لقلبي . { واتخذ سبيله في البحر عجباً } فيه قولان : أحدهما : انه كان لا يسلك طريقاً في البحر إلا صار ماؤه صخراً فلما رآه موسى عجب من مصير الماء صخراً . الثاني : أن موسى لما أخبره يوشع بأمر الحوت رجع إلى مكانه فرأى أثر الحوت في البحر ودائرته التي يجري فيها فعجب من عود الحوت حياً . { قال ذلك ما كُنّا نبغِ } أي نطلب ، وذلك أنه قيل لموسى إنك تلقى الخضر في موضع تنسى فيه متاعك ، فعلم أن الخضر بموضع الحوت . { فارتدَّا على آثارهما قَصصاً } أي خرجا إلى آثارهما يقصان أثر الحوت ويتبعانه . { فَوَجداَ عبْداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا } فيه أربعة تأويلات : أحدها : النبوة ، قاله مقاتل : الثاني : النعمة . الثالث : الطاعة . الرابع : طول الحياة . { وعلّمناه من لدُنا عِلْماً } قال ابن عباس لما اقتفى موسى أثر الحوت انتهى إلى رجل راقد وقد سجي عليه ثوبه ، فسلم عليه موسى ، فكشف ثوبه عن وجهه وردّ عليه السلام وقال : من أنت ؟ قال : موسى . قال صاحب بني إسرائيل ؟ قال : نعم . قال : وما لك في بني إسرائيل شغل ، قال : أمرت أن آتيك وأصحبك . واختلفوا في الخضر هل كان مَلَكاً أو بشراً على قولين : أحدهما : أنه كان ملكاً أمر الله تعالى موسى أن يأخذ عنه مما حمّله إياه من علم الباطن . الثاني : أنه كان بشراً من الإنس . واختلف من قال هذا على قولين : أحدهما : كان نبياً لأن الإنسان لا يتعلم ولا يتبع إلا من هو فوقه ؛ ولا يجوز أن يكون فوق النبي من ليس بنبي ، قال مقاتل : هو ليسع لأنه وسع علمه ست سموات وست أرضين . الثاني : أنه لم يكن نبياً وإنما كان عبداً صالحاً أودعه الله تعالى مِن علْم باطن الأمور ما لم يودع غيره ، لأن النبي هو الداعي ، والخضر كان مطلوباً ولم يكن داعياً طالباً ، وقد ذكرأن سبب تسميته بالخضر لأنه كانه إذا صلى في مكان اخضرّ ما حوله .