Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 92-96)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ } بالفتح قرأ ابن كثير وابو عمرو وعاصم في رواية حفص . وقرأ الباقون بين السُّدين وبالضم ، واختلف فيهما على قولين . أحدهما : أنهما لغتان معناهما واحد . الثاني : أن معناهما مختلف . وفي الفرق بينهما ثلاثة أوجه : أحدها : أن السد بالضم من فعل الله عز وجل وبالفتح من فعل الآدميين . الثاني : أنه بالضم الاسم ، وبالفتح المصدر ، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك . والسدان جبلان ، قيل إنه جعل الروم بينهما ، وفي موضعهما قولان : أحدهما : فيما بين إرمينية وأذربيجان . الثاني : في منقطع الترك مما يلي المشرق . { وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } أي من دون السدين ، وفي { يَفْقَهُونَ } قراءتان : إحداهما : بفتح الياء والقاف يعني أنهم لا يفهمون كلام غيرهم . والقراءة الثانية : بضم الياء وكسر القاف ، أي لا يفهم كلامهم غيرهم . قوله عز وجل : { قَالُواْ يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ } وهما من ولد يافث بن نوح ، واسمهما مأخوذ من أجت النار إذا تأججت ، ومنه قول جرير : @ وأيام أتين على المطايا كأن سمومهن أجيج نارٍ @@ واسمها في الصحف الأولى ياطغ وماطغ . وكان أبو سعيد الخدري يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لاَ يَمُوتُ الرَّجُلُ منهُمْ حتى يُولَدُ لِصُلْبِهِ أَلْفُ رَجُلٍ " . واختلف في تكليفهم على قولين : أحدهما : أنهم مكلفون لتمييزهم . الثاني : أنهم غير مكلفين لأنهم لو كلفوا لما جاز ألاَّ تبلغهم دعوة الإسلام . { فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً } قرأ حمزة والكسائي : { خَرَاجاً } وقرأ الباقون { خَرْجاً } وفي اختلاف القراءتين ثلاثة أوجه : أحدها : أن الخراج الغلة ، والخرج الأجرة . الثاني : أن الخراج اسم لما يخرج من الأرض ، والخرج ما يؤخذ عن الرقاب ، قاله أبو عمرو بن العلاء . الثالث : أن الخرج ما يؤخذ دفعة ، والخراج ثابت مأخوذ في كل سنة ، قاله ثعلب . قوله عز وجل : { قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ } يعني خير من الأجر الذي تبذلونه لي . { فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ } فيه وجهان : أحدهما : بآلة ، قاله الكلبي . الثاني : برجال ، قاله مقاتل . { أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً } فيه وجهان : أحدهما : أنه الحجاب الشديد . الثاني : أنه السد المتراكب بعضه على بعض فهو أكبر من السد . { ءاتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها قطع الحديد ، قاله ابن عباس ومجاهد . الثاني : أنه فلق الحديد ، قاله قتادة . الثالث : أنه الحديد المجتمع ، ومنه الزَّبور لاجتماع حروفه في الكتابة ، قال تبع اليماني : @ ولقد صبرت ليعلموه وحولهم زبر الحديد عشيةً ونهاراً @@ { حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ } قال ابن عباس ومجاهد والضحاك : الصدفان : جبلان ، قال عمرو بن شاش : @ كلا الصدفين ينفذه سناها توقد مثل مصباح الظلام @@ وفيهما وجهان : أحدهما : أن كل واحد منهما محاذ لصاحبه ، مأخوذ من المصادفة في اللقاء ، قاله الأزهري . الثاني : قاله ابن عيسى ، هما جبلان كل واحد منهما منعزل عن الآخر كأنه قد صدف عنه . ثم فيه وجهان : أحدهما : : أن الصدفين اسم لرأسي الجبلين الثاني : اسم لما بين الجبلين . ومعنى قوله : { سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ } أي بما جعل بينهما حتى وارى رؤوسهما وسوّى بينهما . { قَالَ انفُخُوا } يعني أي في نار الحديد . { حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً } يعني ليناً كالنار في الحر واللهب . { قَالَ ءَاتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } فيه أربعة أوجه : أحدها : أن القطر النحاس ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك . الثاني : أنه الرصاص حكاه ابن الأنباري . الثالث : أنه الصفر المذاب ، قاله مقاتل ، ومنه قول الحطيئة : @ وألقى في مراجل من حديد قدور الصُّفر ليس من البُرام @@ الرابع : أنه الحديد المذاب ، قاله أبو عبيدة وأنشد : @ حُساماً كلون الملح صار حديده حراراً من أقطار الحديد المثقب @@ وكان حجارته الحديد وطينه النحاس .