Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 122-124)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلماتٍ فأتمهن } فيه محذوف وتقديره : واذكر إذا ابتلى يعني اختبر ، وإبراهيم بالسريانية أب رحيم ، وفي الكلمات التي ابتلاه الله عز وجل بها ، ثمانية أقاويل : أحدها : هي شرائع الإِسلام ، قال ابن عباس : ما ابتلى الله أحداً بهن ، فقام بها كلها ، غير إبراهيم ، ابتلي بالإِسلام فأتمه ، فكتب الله له البراءة فقال : { وإبراهيم الذي وَفَّى } [ النجم : 37 ] قال : وهي ثلاثون سهماً : عشرة منها في سورة براءة : { التائبون ، العابدون ، الحامدون ، السائحون ، الراكعون ، الساجدون } [ التوبة : 112 ] . وعشرة في الأحزاب : { إنَّ المُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ ، وَالصَادِقينَ والصَادِقَاتِ ، وَالصَابِرِينَ وَالصَابِرَاتِ ، وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ ، وَالْمُتَصَدِّقِينَ ، واَلْمُتَصَدِّقَاتِ ، وَالصَائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ ، وَالْحَافِظِينَ فروجَهُم وَالْحافِظَاتِ ، وَالذَاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالْذَّاكِرَاتِ ، أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغَفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } [ الأحزاب : 35 ] . وعشرة في سورة المؤمنين : { قَدْ أفْلَحَ الْمُؤمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِم خَاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُم عَنِ اللَّغُوِ مُعْرِضُونَ ، وَالَّذيِنَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ، إلاَّ عَلَى أزْوَاجِهِم أوْ مَا مَلَكَتْ أيمَانُهُم فَإِنَّهُم غَيرُ مَلُومِينَ ، فَمن ابتغى وَرَاءَ ذلِكَ فَأولئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ، وَالَّذِينَ هُمُ لأَمَانَاتِهِم وَعَهْدِهِم رَاعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ، أُولئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ، الَّذِينَ يَرِثُونِ الْفِرْدَوسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ المؤمنون : 1 - 11 ] وفي سورة سأل سائل من { إلا المُصَلِّينَ ، الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ } [ المعارج : 23 ] ، إلى { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِم يُحَافظُون } [ المعارج : 34 ] . والقول الثاني : إنها خصال من سُنَنِ الإسلام ، خمس في الرأس ، وخمس في الجسد ، فروى ابن عباس في الرأس : قص الشارب ، والمضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وفرق الرأس . وفي الجسد تقليم الأظفار ، وحلق العانة ، والختان ، ونتف الإبط ، وغسل أثر البول والغائط بالماء . وهذا قول قتادة . والقول الثالث : إنها عشر خصال ، ست في الإنسان وأربع في المشاعر ، فالتي في الإنسان : حَلْقُ العانة ، والختان ، ونَتْفُ الإبط ، وتقليم الأظفار ، وقص الشارب ، والغُسل يوم الجمعة . والتي في المشاعر : الطواف ، والسعي بين الصفا والمروة ، ورمي الجمار ، والإفاضة . روى ذلك الحسن عن ابن عباس . والقول الرابع : إن الله تعالى قال لإبراهيم : إني مبتليك يا إبراهيم ، قال : تجعلني للناس إماماً ؟ قال نعم ، قال : ومن ذريتي ؟ قال : لا ينال عهدي الظالمين ، قال : تجعل البيت مثابة للناس ؟ قال : نعم ، قال : وأمناً ؟ قال : نعم ، قال : وتجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ؟ قال : نعم ، قال : وأرنا مناسكنا وتب علينا ؟ قال : نعم ، قال : وتجعل هذا البلد آمناً ؟ قال : نعم ، قال : وترزق أهله من الثمرات من آمن ؟ قال : نعم ، فهذه الكلمات التي ابتلى الله بها إبراهيم ، وهذا قول مجاهد . والخامس : أنها مناسك الحج خاصة ، وهذا قول قتادة . والقول السادس : أنها الخلال الست : الكواكب ، والقمر ، والشمس ، والنار ، والهجرة ، والختان ، التي ابتلي بهن فصبر عليهن ، وهذا قول الحسن . والقول السابع : ما رواه سهل بن معاذ بن أنس عن أمه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفّى ؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى : سبحان الله حين تُمْسُونَ وحينَ تُصْبِحُونَ ، وله الحمْدُ في السّموَاتِ والأرْضِ وعَشِيّاً وحين تُظْهِرُونَ " . والقول الثامن ، ما رواه القاسم بن محمد ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وَإبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى قَالَ : أتَدْرُونَ مَا وَفَّى ؟ قَالُوا : اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ ، قَالَ : وَفّى عَمَلَ يَوْمٍ بِأرْبَعِ رَكْعَاتٍ فِي النَّهَارِ " { قَالَ إنَّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَاماً } أي مقصوداً متبوعاً ، ومنه إمام المصلين ، وهو المتبوع في الصلاة . { قال ومن ذريتي } فاحتمل ذلك وجهين : أحدهما : أنه طمع في الإمامة لذريته ، فسأل الله تعالى ذلك لهم . والثاني : أنه قال ذلك استخباراً عن حالهم ، هل يكونون أهل طاعة فيصيروا أئمة ؟ فأخبره الله تعالى أن فيهم عاصياً وظالماً ، لا يستحق الإمامة ، فقال : { لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } . وفي هذا العهد ، سبعة تأويلات : أحدها : أنه النبوة ، وهو قول السدي . والثاني : أنه الإمامة ، وهو قول مجاهد . والثالث : أنه الإيمان ، وهو قول قتادة . والرابع : أنه الرحمة ، وهو قول عطاء . والخامس : أنه دين الله وهو قول الضحاك . والسادس : أنه الجزاء والثواب . والسابع : أنه لا عهد عليك لظالم أنه تطيعه في ظلمة ، وهو قول ابن عباس .