Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 222-223)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَيَسئَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُل هُوَ أَذَىً } قال السدي : السائل كان ثابت بن الدحداح الأنصاري ، وكانت العرب ومن في صدر الإسلام من المسلمين يجتنبون مُساكنة الحُيَّض ومؤاكلتهن ومشاربتهن ، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، وهذا قول قتادة . وقال مجاهد : كان يعتزلون الحُيَّض في الفرج ، ويأتونهن في أدبارهن مدة حيضهن ، فأنزلت هذه الآية ، والأذى هو ما يؤذي من نتن ريحه ووزره ونجاسته . { فَاعتَزِلُوا النِسَآءَ فىِ المَحِيضِ } اختلفوا في المراد بالإعتزال على ثلاثة أقاويل : أحدها : اعتزل جميع بدنها أن يباشره بشيء من بدنه ، وهذا قول عبيدة السلماني . والثاني : ما بين السرة والركبة , وهذا قول شريح . والثالث : الَفرِج وهذا قول عائشة وميمونه وحفصة وجمهور المفسرين . ثم قال تعالى : { وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطهُرنَ } فيه قراءتان : إحداهما : التخفيف وضم الهاء ، وهي قراءة الجمهور ، ومعناه بانقطاع الدم وهو قول مجاهد وعكرمة . والثانية : بالتشديد وفتح الهاء ، قرأ بها حمزة ، والكسائي وعاصم ، وفي رواية أبي بكر عنه ، ومعناها حتى تغتسل . ثم قال تعالى : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } يعني بالماء ، فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : معناه إذا اغتسلن وهو قول ابن عباس وعكرمة والحسن . والثاني : الوضوء ، وهو قول مجاهد ، وطاوس . والثالث : غسل الفرج . وفي قوله تعالى : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ } أربعة تأويلات : أحدها : القُبُل الذي نهى عنه في حال الحيض ، وهو قول ابن عباس . الثاني : فأتوهن من قِبَل طهرهن ، لا من قِبَل حيضهن ، وهذا قول عكرمة ، وقتادة . والثالث : فأتوا النساء من قِبَل النكاح لا من قِبَل الفجور ، وهذا قول محمد ابن الحنفية . والرابع : من حيث أحل لكم ، فلا تقربوهن محرمات ، ولا صائمات ولا معتكفات ، وهذا قول الأصم . { إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُطَهَرِينَ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : المتطهرين بالماء ، وهذا قول عطاء . والثاني : يحب المتطهرين من أدبار النساء أن يأتوها ، وهذا قول مجاهد . والثالث : يحب المتطهرين من الذنوب ، أن لا يعودوا فيها بعد التوبة منها ، وهو محكي عن مجاهد أيضاً . قوله تعالى : { نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُمْ } أي مزدرع أولادكم ومحترث نسلكم ، وفي الحرث كناية عن النكاح ، { فَأتُوا حَرثَكُمْ } فانكحوا مزدرع أولادكم . { أَنَّى شِئتُمْ } فيه خمسة تأويلات : أحدها : يعني كيف شئتم في الأحوال ، روى عبد الله بن علي أن أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جلسوا يوماً ويهودي قريب منهم ، فجعل بعضهم يقول : إني لآتي امرأتي وهي مضطجعة ، ويقول الآخر إني لآتيها وهي قائمة ، ويقول الآخر : إني لآتيها وهي على جنبها ، ويقول الآخر إني لآتيها وهي باركة ، فقال اليهودي : ما أنتم إلا أمثال البهائم ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وهذا قول عكرمة . والثاني : يعني من أي وجه أحببتم في قُبِلها ، أو من دُبْرِها في قُبلها . روى جابر أن اليهود قالوا : إن العرب يأتون النساء من أعجازهن ، فإذا فعلوا ذلك جاء الولد أحول ، فَأَكْذَبَ الله حديثهم وقال : { نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُمْ فَأتُوا حَرثَكُمْ أَنَّى شِئتُمْ } ، وهذا قول ابن عباس ، والربيع . والثالث : يعني من أين شئتم وهو قول سعيد بن المسيب وغيره . والرابع : كيف شئتم أن تعزلوا أو لا تعزلوا ، وهذا قول سعيد بن المسيب . والخامس : حيث شئتم من قُبُلٍ ، أو من دُبُرٍ ، رواه نافع , عن ابن عمر وروى عن غيره . وروى حبيش بن عبد الله الصنعاني ، عن ابن عباس أن ناساً من حِمْير أتوا النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أشياء ، فقال رجل منهم : يا رسول الله : إني رجل أحب النساء ، فكيف ترى في ذلك ؟ فأنزل الله تعالى في سورة البقرة بيان ما سألوا عنه ، فأنزل فيما سأل عنه الرجل : { نِسَاؤُكُم حَرثٌ لَكُمْ فَأتُوا حَرثَكُمْ أَنَّى شِئتُمْ } ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مُقْبِلةً وَمُدْبِرةً إِذا كان في الفرج " . { وَقَدمِوُاْ لأَنفُسِكم } الخير ، وهو قول السدي . والثاني : وقدموا لأنفسكم ذكر الله عز وجل عند الجماع ، وهو قول ابن عباس .