Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 238-239)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ } وفي المحافظة عليها قولان : أحدهما : ذكرها . والثاني : تعجيلها . ثم قال تعالى : { وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى } وإنما خص الوسطى بالذكر وإن دخلت في جملة الصلوات لاختصاصها بالفضل ، وفيها خمسة أقاويل : أحدها : أنها صلاة العصر ، وهو قول عليّ ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي أيوب ، وعائشة ، وأم سلمة ، وحفصة ، وأم حبيبة . روى عمرو بن رافع ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت لكاتب مصحفها : إذا بلغتَ مواقيت الصلاة فأخبرني ، حتى أخبرك بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أخبرها قالت : أكتب ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَهِيَ صَلاَةُ الْعَصْرِ " . وروى محمد بن سيرين ، عن عبيدة السلماني ، عن عليّ رضي الله عنه قال : لم يُصَلِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر يوم الخندق إلا بعدما غربت الشمس فقال : " مَا لَهُم مَلأَ اللهُ قُلُوبَهُم وَقُبُورَهُم نَاراً شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ " . وروى التيمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصَّلاَةُ الوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ " . والقول الثاني : أنها صلاة الظهر ، وهو قول زيد بن ثابت ، وابن عمر . قال ابن عمر : هي التي توجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة . وروى ابن الزبير عن زيد بن ثابت قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحابه منها ، قال فنزلت : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى } وقال إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين . والقول الثالث : أنها صلاة المغرب ، وهو قول قبيصة بن ذؤيب لأنها ليست بأقلها ولا بأكثرها ولا تقصر في السفر ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها عن وقتها ولم يعجلها . والقول الرابع : أنها صلاة الصبح ، وهو قول ابن عباس ، وأبي موسى الأشعري ، وجابر بن عبد الله ، قال ابن عباس يصليها بين سواد الليل وبياض النهار ، تعلقاً بقوله تعالى : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } ولا صلاة مفروضة يقنت فيها إلا الصبح ، ولأنها بين صلاتي ليل وصلاتي نهار . والقول الخامس : أنها إحدى الصلوات الخمس ولا تعرف بعينها ، ليكون أبعث لهم على المحافظة على جميعها ، وهذا قول نافع ، وابن المسيب ، والربيع ابن خثيم . وفيها قول سادس : أن الصلاة الوسطى صلاة الجمعة خاصة . وفيها قول سابع : أن الصلاة الوسطى صلاة الجماعة من جميع الصلوات . وفي تسميتها بالوسطى ثلاثة أوجه : أحدها : لأنها أوسط الصلوات الخمس محلاً ، لأنها بين صلاتي ليل وصلاتي نهار . والثاني : لأنها أوسط الصلاة عدداً ، لأن أكثرهن أربع وأقلهن ركعتان . والثالث : لأنها أفضل الصلوات ووسط الشيء ووسطاه أفضله ، وتكون الوُسْطَى بمعنى الفُضْلَى . ثم قال تعالى : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } وفيه ستة تأويلات : أحدها : يعني طائعين ، قاله ابن عباس ، والضحاك ، والشعبي ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وعطاء . والثاني : ساكتين عما نهاكم الله أن تتكلموا به في صلاتكم ، وهو قول ابن مسعود ، وزيد بن أرقم ، والسدي ، وابن زيد . والثالث : خاشعين ، نهيأ عن العبث والتفلت ، وهو قول مجاهد ، والربيع بن أنس . والرابع : داعين ، وهو مروي عن ابن عباس . والخامس : طول القيام في الصلاة ، وهو قول ابن عمر . والسادس : … وهو مروي عن ابن عمر أيضا . واختلف في أصل القنوت ، على ثلاثة أوجه : أحدها : أن أصله الدوام على أمر واحد . والثاني : أصله الطاعة . والثالث : أصله الدعاء . قوله عز وجل : { فَإِنْ خِفْتُم فَرِجَالاً أَو رُكْبَاناً } الرجال جمع راجل ، والركبان جمع راكب ، مثل قائم وقيام . يعني فإن خفتم من عدوّكم ، فصلوا على أرجلكم أو ركائبكم ، وقوفاً ومشاة ، إلى القبلة وغير القبلة ، مومئاً أو غير مومىء ، على حسب قدرته . واختلف في قدر صلاته ، فذهب الجمهور إلى أنها على عددها تُصَلَّى ركعتين ، وقال الحسن : تُصَلَّى ركعة واحدة إذا كان خائفاً . واختلفوا في وجوب الإِعادة عليه بعد أمنه ، فذهب أهل الحجاز إلى سقوط الإِعادة عنه لعذره . وذهب أهل العراق إلى وجوب الإِعادة عليه لأن مشيه فيها عمل ليس منها . ثم قال تعالى : { فَإِذَا أَمِنتُم فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ } وفيه تأويلان : أحدهما : معناه فإذا أمنتم فصلّوا كما علّمكم ، وهو قول ابن زيد . والثاني : يريد فاذكروه بالثناء عليه والحمد له ، كما علمكم من أمر دينكم ما لم تكونوا تعلمون .