Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 51-53)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وّإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } : أما مُوسَى ، فاسم يَجْمَعُ بين كلمتين بالقبطية وهما : ماء وشجر ، فـ : مُوهو الماء ، و " سا " هو الشجر ، وإنما سُمِّيَ بهذا الاسم الجامع لهاتين الكلمتين ، لما ذكره السدي من أنَّ أمه لما خافت عليه جعلته في التابوت ، وألقته في اليم ، كما أُوحِيَ إليها ، فألقاه بين أشجار عند بيت فرعون ، فخرجت حَواريُّ آسيةَ امرأةِ فرعون يغتسلن ، فوجدنه ، فسُمِّيَ باسم المكان . قال ابن إسحاق : وهو موسى بنُ عمرانَ بنِ يصهر بنِ فاهت بنِ لاوى بن يعقوب ( إسرائيل ) بنِ إسحاق بنِ إبراهيم . وقوله تعالى : { أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } قال ابنُ الكلبي : لما جاوز موسى ببني إسرائيل البحر ، قال له بنو إسرائيل : أليس وعدتنا أن تأتينا بكتابٍ من الله تعالى ؟ فوعده الله أربعين ليلة ، ووعدها بني إسرائيل ، قال أبو العالية : هي ذو القِعْدةِ وعَشْرٌ من ذي الحِجَّة ، ثم اقتصر على ذكر الليالي دون الأيام ، وإن كانت الأيام تبعاً معها ، لأن أوَّلَ الشهورِ الليالي ، فصارت الأيامُ لها تبعاً . قوله تعالى : { ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ } يعني اتخذتموه إلهاً من بعد خروج موسى إلى الميقات ، واستخلافِهِ هارونَ عليهم . وسببُ ذلك فيما ذكر ابن عباسٍ ، أنَّ السامِرِيَّ كان من قومٍ يعبدون البقر ، فكان حبُّ ذلك في نفسه بعْدَ إظهاره الإسلام ، وكان قد عَرَفَ جبريل لأن أمه حين خافت عليه أن يُذْبَحَ خَلَّفَتْهُ في غار ، وأطبقت عليه ، وكان جبريل يأتيه ، فيغذوه بأصابعه ، فلمَّا رآه حين عبر البحر عرفه ، فقبض قبضةً من أثر فرسه ، وكان ابن مسعودٍ يقرأ : { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ فَرَسِ الرَّسُولِ } ولم تزل القبضة في يده ، حتى فصل موسى إلى ربه ، وخلَّف هارون في بني إسرائيل ، فقال لهم هارون : قد تحمَّلْتُمْ أوزاراً من زينة القوم ، يعني أمتعةً وحُلِيَاً ، فَتَطهَّرُوا منها فإنها نَجَسٌ ، فأوقد لهم ناراً ، وأمرهم بقذف ما كان معهم ففعلوا ، فأقبل السامِرِيُّ إلى النار وقال : يا نبيَّ الله أُلْقِي ما في يدي ؟ قال : نعم ، وهو يظن أنَّهُ حُلِيٌّ ، فقذفه ، وقال : كن عجلاً جسداً له خوار . واختلفوا : هل صار حيواناً لحماً ودماً أم لا ؟ فقال الحسن : انقلب حيواناً لحماً ودماً ، وقال غيره لا يجوز لأن ذلك من آيات الله عز وجل التي لا يُظْهِرُها إلاَّ لمعجزَةِ نبيٍّ ، وإنما جعل فيه خروقاً تَدْخُلُها الرِّيحُ ، فَيَحْدُثُ فيهِ صوتٌ كالخوار . ودافع من تابع الحسن على قوله هذا ، بوجهين : أحدهما : أنه لما قال : هذا إلهكم وإلهُ موسى ، فقد أبطل على نفسه أن يدَّعِيَ بذلك إعجاز الأنبياء ، فجاز أن يصح ذلك منه امتحاناً . والثاني : أن ذلك لا يجوز في غير زمان الأنبياء ، ويجوز في زمان الأنبياء ، لأنهم يُظهِرُون إبطاله ، وقد كان ذلك في زمان نبيَّيْنِ . واختلفوا في تسميته عجلاً : فقال أبو العالية : لأنهم عَجِلُوا ، فاتخذوه إلهاً ، قبل أن يأتيهم موسى ، وقال غيره : بل سُمِّيَ بذلك ، لأنه صار عجلاً جسداً له خُوَارٌ . ثُمَّ إنهم عكفوا على العجل يعبدونه ، فقال لهم هارون من قبل : يا قومِ إنما فتنتم به ، وإن ربكم الرحمن ، فاتبعوني ، وأطيعوا أمري ، قالوا : لن نبرح عليه عاكفين ، حتى يرجع إلينا موسى . قوله عز وجل : { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ } [ طه : 90 ؛ 91 ] : أما " إذ " فاسم للوقت الماضي ، و " إذا " اسم للوقت المستقبل ، و " الكتاب " هو التوراة . وفي الفرقان أربعةُ أقاويلَ : أحدها : أن الفُرْقان هو الكتاب فذكره باسمين تأكيداً ، وهو قول الفراء . والثاني : أن الفُرْقَانَ : ما في التوراة من فَرْقٍ بني الحقِّ والباطلِ ، فيكون ذلك نعتاً للتوراة ، وهذا قول ابن عباس وأبي العالية . والثالث : أن الفرقان النصر ، الذي فرَّق الله به بين موسى وفرعون ، حتى أنجى موسى وقومَهُ ، وأغرق فرعون وقومهُ ، وهذا قول أبي زيدٍ . والرابع : أن الفرقان : انفراق البحر لِبَنِي إسرائيلَ ، حتى عبروا فيه .