Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 75-77)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { … وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُم يَسْمَعُون كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ } في ذلك قولان : أحدهما : أنهم علماء اليهود والذين يحرفونه التوراة فيجعلون الحلال حراماً والحرام حلالاً ابتاعاً لأهوائهم وإعانة لراشيهم وهذا قول مجاهد والسدي . والثاني : أنهم الذين اختارهم موسى من قومه ، فسمعوا كلام الله فلم يمتثلوا أمره وحرفوا القول في إخبارهم لقومهم ، وهذا قول الربيع بن أنس وابن إسحاق . وفي كلام الله الذي يسمعونه قولان : أحدهما : أنها التوراة التي عَلِمَها علماء اليهود . والثاني : الوحي الذي كانوا يسمعونه كما تسمعه الأنبياء . وفي قوله تعالى : { مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلَوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } وجهان : أحدهما : من بعد ما سمعوه ، وهم يعلمون أنهم يحرفونه . والثاني : من بعد ما عقلوه ، وهم يعلمون ، ما في تحريفه من العقاب . قوله تعالى : { وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ } فيهم قولان : أحدهما : أنهم اليهود ، إذا خلوا مع المنافقين ، قال لهم المنافقون : أتحدثون المسلمين ، بما فتح الله عليكم . والثاني : أنهم اليهود ، قال بعضهم لبعض : { أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيكُم } وفيه أربعة أقاويل : أحدها : بما فتح الله عليكم ، أي مما أذكركم الله به ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثاني : بما أنزل الله عليكم في التوراة ، من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبعثه ، { ليُحَآجُّوكم بَهِ عِنْدَ رَبِّكُم } رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وهو قول أبي العالية وقتادة . والثالث : أنهم أرادوا قول يهود بني قريظة ، حين شبههم النبي صلى الله عليه وسلم ، بأنهم إخوة القردة ، فقالوا : من حدثك بهذا ؟ وذلك حين أرسل إليهم ، علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وهذا قول مجاهد . والرابع : أن ناساً من اليهود أسلموا ، ثم نافقوا فكانوا يحدثون المسلمين من العرب ، بما عُذِّبَ به ( آباؤهم ) ، فقال بعضهم لبعض ، أتحدثونهم بما فتح الله عليكم من العذاب ، وهذا قول السدي . وفي { فتح الله } وجهان : أحدهما : بما علمكم الله . والثاني : بما قضاه الله ، والفتح عند العرب القضاء والحكم ، ومنه قول الشاعر : @ ألا أبلغ بني عُصُم رسولاً بأني عن فِتاحِكُم غنيُّ @@ ويُقَالُ للقاضي : الفتّاح ، ومنه قوله تعالى : { رَبَّنَا افْتَح بَيْنَنَا وَبَينَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ } [ الأعراف : 89 ] . قوله تعالى : { لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُم } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : { لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُم } ، فَحُذِفَ ذكُر الكتاب إيجازاً . والثاني : { لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُم } فتظهر له الحُجَّة عليكم ، فيكونوا أولى بالله منكم ، وهذا قول الحسن . والثالث : { لِيُحَاجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُم } يوم القيامة ، كما قال تعالى : { ثُمَّ إِنَّكُم يَومَ القيِامَةِ عِنْدَ رَبِّكُم تَخْتَصِمُونَ } [ الزمر : 31 ] .