Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 87-88)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَذَا النُّونِ } وهو يونس بن متى ، سمي بذلك لأنه صاحب الحوت ، كما قال تعالى : { فَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ } [ القلم : 48 ] والحوت النون ، نسب إليه لأنه ابتلعه ، ومنه قول الشاعر : @ يا جيد القصر نِعم القصر والوادي وجيداً أهله من حاضر بادي توفي قراقره والوحش راتعه والضب والنون والملاح والحادي @@ يعني أنه يجتمع فيه صيد البر والبحر ، وأهل المال والظهر ، وأهل البدو والحضر . { إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : يعني مراغماً للملك وكان اسمه حزقيا ولم يكن به بأس ، حكاه النقاش . الثاني : مغاضباً لقومه ، قاله الحسن . الثالث : مغاضباً لربه ، قاله الشعبي ، ومغاضبته ليست مراغمة ، لأن مراغمة الله كفر لا تجوز على الأنبياء ، وإنما هي خروجه بغير إذن ، فكانت هي معصيته . وفي سبب ذهابه لقومه وجهان : أحدهما : أنه كان في خُلُقِه ضيق ، فلما حملت عليه أثقال النبوة ضاق ذرعه بها ولم يصبر لها ، وكذلك قال الله : { فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُل } [ الأحقاف : 35 ] قاله وهب . الثاني : أنه كان من عادة قومه أن من كذب قتلوه ، ولم يجربواْ عليه كذباً ، فلما أخبرهم أن العذاب يحل بهم ورفعه الله عنهم ، قال لا أرجع إليهم كذّاباً ، وخاف أن يقتلوه فخرج هارباً . { فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ } فيه أربعة تأويلات : أحدها : فظن أن لن نضيق طرقه ، ومنه قوله : { وَمَن قَدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } [ الطلاق : 7 ] أي ضيق عليه ، قاله ابن عباس . الثاني : فظن أن لن نعاقبه بما صنع ، قاله قتادة ، ومجاهد . الثالث : فظن أن لن نحكم عليه بما حكمنا ، حكاه ابن شجرة ، قال الفراء : معناه لن نُقِدرَ عليه من العقوبة ما قَدَّرْنَا ، مأخوذ من القدر ، وهو الحكم دون القدرة ، وقرأ ابن عباس : نقدّر بالتشديد ، وهو معنى ما ذكره الفراء ، ولا يجوز أن يكون محمولاً على العجز عن القدرة عليه لأنه كفر . الرابع : أنه على معنى استفهام ، تقديره : أفظن أن لن نقدر عليه ، فحذف ألف الاستفهام إيجازاً ، قاله سليمان بن المعتمر . { فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ } فيه قولان : أحدهما : أنها ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة جوف الحوت ، قاله ابن عباس ، وقتادة . الثاني : وقتادة . الثاني : أنها ظلمة الحوت في بطن الحوت ، قاله سالم بن أبي الجعد . ويحتمل ثالثاً : أنها ظلمة الخطيئة ، وظلمة الشدة ، وظلمة الوحدة . { أَن لاَّ إِلهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } يعني لنفسي في الخروج من غير أن تأذن لي ، ولم يكن ذلك عقوبة من الله ، لأن الأنبياء لا يجوز أن يعاقبوا ، وإنما كان تأديباً ، وقد يؤدب من لا يستحق العقاب كالصبيان . قوله تعالى : { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ } وفي استجابة الدعاء قولان : أحدهما : أنه ثواب من الله للداعي ولا يجوز أن يكون غير ثواب . والثاني : أنه استصلاح فربما كان ثواباً وربما كان غير ثواب . { وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ } يحتمل وجهين : أحدهما : من الغم بخطيئته . الثاني : من بطن الحوت لأن الغم التغطية . وقيل : إن الله أوحى إلى الحوت ألاّ تكسر له عظماً ، ولا تخدش له جلداً . وحينما صار في بطنه : قال يا رب اتخذتَ لي مسجداً في مواضع ما اتخذها أحد . وفي مدة لبثه في بطن الحوت ثلاثة أقاويل : أحدها : أربعون يوماً . الثاني : ثلاثة أيام . الثالث : من ارتفاع النهار إلى آخره . قال الشعبي : أربع ساعات ، ثم فتح الحوت فاه فرأى يونس ضوء الشمس ، فقال : سبحانك إني كنت من الظالمين ، فلفظه الحوت .