Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 38-41)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ } اختلف في سبب دعائه على قولين : أحدهما : أن الله تعالى أذن له في المسألة لأن سؤال ما خالف العادة يُمْنَع منه إلا عن إذن لتكون الإجابة إعجازاً . والثاني : أنه لما رآى فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف طمع في رزق الولد من عاقر . { قَالَ : رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً } يعني هب لي من عندك ولداً مباركاً ، وقصد بالذرية الواحد . { إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَآءِ } أي تجيب الدعاء ، لأن إجابة الدعاء بعد سماعه . قوله تعالى : { فَنَادَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ } قرأ حمزة ، والكسائي : { فَنَادَاه الْمَلآئِكَةُ } ، وفي مناداته قولان : أحدهما : أنه جبريل وحده ، وهو قول السدي . والثاني : جماعة من الملائكة . { وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى } قيل إنما سمّاه يحيى لأن الله تعالى أحياه بالإيمان ، وسماه بهذا اسم قبل مولده . { مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ } فيه قولان : أحدهما : بكتاب من الله ، وهذا قول أبي عبيدة وأهل البصرة . والثاني : يعني المسيح ، وهذا قول ابن عباس ، وقتادة ، والربيع ، والضحاك ، والسدي . واختلفوا في تسميته كلمة من الله على قولين : أحدهما : أنه خلقه بكلمته من غير أب . والثاني : أنه سُمِيَ بذلك لأن الناس يهتدون به في دينهم كما يهتدون بكلام الله عز وجل . { وَسَيِّداً } فيه خمسة أقاويل : أحدها : أنه الخليفة ، وهو قول قتادة . والثاني : أنه التقي ، وهو قول سالم . والثالث : أنه الشريف ، وهو قول ابن زيد . والرابع : أنه الفقيه العالم ، وهو قول سعيد بن المسيب . والخامس : سيد المؤمنين ، يعني بالرياسة عليهم ، وهذا قول بعض المتكلمين . { وَحَصُوراً } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه كان عِنَّيناً لا ماء له ، وهذا قول ابن مسعود ، وابن عباس ، والضحاك . والثاني : أنه كان لا يأتي النساء ، وهو قول قتادة ، والحسن . والثالث : أنه لم يكن له ما يأتي به النساء ، لأنه كان معه مثل الهْدبة ، وهو قول سعيد بن المسيب . قوله عز وجل : { قَالَ : رَبِّ أَنَّى يِكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ } وإنما جاز له أن يقول : وقد بلغني الكبر لأنه بمنزلة الطالب له . { وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ } أي لا تلد . فإن قيل : فَلِمَ راجع بهذا القول بعد أن بُشَّرَ بالولد ، ففيه جوابان : أحدهما : أنه راجع ليعلم على أي حال يكون منه الولد ، بأن يُرّدّ هو وامرأته إلى حال الشباب ، أم على حال الكبر ، فقيل له : كذلك الله يفعل ما يشاء ، أي على هذه الحال ، وهذا قول الحسن . والثاني : أنه قال ذلك استعظاماً لمقدور الله وتعجباً . قوله عز وجل : { قَالَ : رَبِّ اجْعَل لِّي ءَايَةً } أي علامة لوقت الحمل ليتعجل السرور به . { قَالَ : ءَايَتُكَ ألاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : تحريك الشفتين وهو قول مجاهد . والثاني : الإشارة ، وهو قول قتادة . والثالث : الإيماء ، وهو قول الحسن . { وَاذْكُرْ رَّبَّكَ كَثِيراً } لم يمنع من ذكر الله تعالى ، وذلك هي الآية . { وَسَبِّحْ بِالْعَشِّيِ وَالإِبْكَارِ } والعشي : من حين زوال الشمس إلى أن تغيب ، وأصل العشي الظلمة ، ولذلك كان العشى ضعف البصر ، فَسُمَّي ما بعد الزوال عِشاءً لا تصاله بالظلمة . وأما الإبكار فمن حين طلوع الفجر إلى وقت الضحى ، وأصله التعجيل ، لأنه تعجيل الضياء .