Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 5-9)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ } يعني القرآن . { مِنْهُ ءَايَاتٌ مُّحْكَمَاتُ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } اختلف المفسرون في تأويله على سبعة أقاويل : أحدها : أن المحكم الناسخ ، والمتشابه المنسوخ ، قاله ابن عباس ، وابن مسعود . والثاني : أن المحكم ما أحكم الله بيان حلاله وحرامه فلم تشتبه معانيه ، قاله مجاهد . والثالث : أن المحكم ما لم يحتمل من التأويل إلا وجهاً واحداً ، والمتشابه ما احتمل أوجهاً ، قاله الشافعي ومحمد بن جعفر بن الزبير . والرابع : أن المحكم الذي لم تتكرر ألفاظه ، والمتشابه الذي تكررت ألفاظه ، قاله ابن زيد . والخامس : أن المحكم الفرائض والوعد والوعيد ، والمتشابه القصص والأمثال . والسادس : أن المحكم ما عرف العلماء تأويله وفهموا معناه وتفسيره ، والمتشابه ما لم يكن إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه ، كقيام الساعة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وخروج عيسى ونحوه ، وهذا قول جابر بن عبد الله . والسابع : أن المحكم ما قام بنفسه ولم يحتج إلى استدلال . ويحتمل ثامناً : أن المحكم ما كانت معاني أحكامه معقولة ، والمتشابه ما كانت معاني أحكامه غير معقولة ، كأعداد الصلوات ، واختصاص الصيام بشهر رمضان دون شعبان . وإنما جعله محكماً ومتشابهاً استدعاء للنظر من غير اتكال على الخبر ، وقد روى معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " القرآن على ثلاثة أجزاء : حلال فاتبعه ، وحرام فاجتنبه ، ومتشابه يشكل عليك فَكِلْه إلى عالمه " . وأما قوله تعالى : { هُنَّ أُمُّ الْكِتَاِب } . ففيه وجهان : أحدهما : أصل الكتاب . والثاني : معلوم الكتاب . وفيه تأويلان : أحدهما : أنه أراد الآي التي فيها الفرائض والحدود ، قاله يحيى بن يعمر . والثاني : أنه أراد فواتح السُّوَر التي يستخرج منها القرآن ، وهو قول أبي فاختة . ويحتمل ثالثاً : أن يريد به أنه معقول المعاني لأنه يتفرع عنه ما شاركه في معناه ، فيصير الأصل لفروعه كالأم لحدوثها عنه ، فلذلك سماه أم الكتاب . { فَأََمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ } فيه تأويلان : أحدهما : ميل عن الحق . والثاني : شك ، قاله مجاهد . { فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : أنه الأجل الذي أرادت اليهود أن تعرفه من الحروف المقطعة من حساب الجُمّل في انقضاء مدة النبي صلى الله عليه وسلم . والثاني : أنه معرفة عواقب القرآن في العلم بورود النسخ قبل وقته . والثالث : أن ذلك نزل في وفد نجران لمَّا حاجّوا النبي صلى الله عليه وسلم في المسيح ، فقالوا : أليس كلمة الله وروحه ؟ قال : " بلى " فقالوا : حسبنا ، فأنزل الله تعالى : { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وابْتَغَآءَ تَأْوِيلِهِ } وهو قول الربيع . وفي قوله تعالى : { ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ } أربعة تأويلات : أحدها : الشرك ، قاله السدي . والثاني : اللّبْس ، قاله مجاهد . الثالث : الشبهات التي حاجّ بها وفد نجران . والرابع : إفساد ذات البَيْن . { وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ } في التأويل وجهان : أحدهما : أنه التفسير . والثاني : أنه العاقبة المنتظرة . { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : تأويل جميع المتشابه ، لأن فيه ما يعلمه الناس ، وفيه ما لا يعلمه إلا الله ، قاله الحسن . والثاني : أن تأويله يوم القيامة لما فيه من الوعد والوعيد ، كما قال الله تعالى : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَومَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } [ الأعراف : 53 ] يعني يوم القيامة ، قاله ابن عباس . والثالث : تأويله وقت حلوله ، قاله بعض المتأخرين . { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } فيه وجهان : أحدهما : يعني الثابتين فيه ، العاملين به . والثاني : يعني المستنبطين للعلم والعاملين ، وفيهم وجهان : أحدهما : أنهم داخلون في الاستثناء ، وتقديره : أن الذي يعلم تأويله الله والراسخون في العلم جميعاً . روى ابن أبي نجيح عن ابن عباس أنه قال : أنا ممن يعلم تأويله . الثاني : أنهم خارجون من الاستثناء ، ويكون معنى الكلام : ما يعلم تأويله إلا الله وحده ، ثم استأنف فقال : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } . { يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا } يحتمل وجهين : أحدهما : علم ذلك عند ربنا . والثاني : ما فصله من المحكم والمتشابه ، فنزل من عند ربنا .