Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 18-19)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } فيها قولان : أحدهما : أنها بيت المقدس ، قاله ابن عباس . الثاني : أنها الشام ، قاله مجاهد وقتادة . { الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } يعني بالشجر والثمر والماء . وقيل إنها كانت أربعة آلاف وسبعمائة قرية . ويحتمل أن يكون التي باركنا فيها بكثرة العدد . { قُرىً ظَاهِرَةً } فيه أربعة أوجه : أحدها : متصلة ينظر بعضهم إلى بعض ، قاله الحسن ، وأبو مالك . الثاني : أنها العامرة . الثالث : الكثيرة الماء . الرابع : أن القرى الظاهرة هي القرى القريبة ، قاله سعيد بن جبير ، والضحاك . وفيها ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها السروات ، قاله مجاهد . الثاني : أنها قرى لصنعاء ، قاله ابن منبه . الثالث : أنها قرى ما بين مأرب والشام ، قاله سعيد بن جبير . { وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيرَ } فيها ثلاثة أقاويل : أحدها : قدرنا فيها المقيل والمبيت ، قاله الكلبي . الثاني : أنهم كانوا يصبحون في قرية ويمسون في أخرى ، قاله الحسن . الثالث : أنه قدر فيها السير بأن جعل ما بين القرية والقرية مقداراً واحداً ، قاله ابن قتيبة . { سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً ءَامِنِينَ } فيه قولان : أحدهما : من الجوع والظمأ ، قاله قتادة . حتى أن المرأة تمشي وعلى رأسها مكتل فيمتلىء من الثمر . الثاني : آمنين من الخوف قاله يحيى بن سلام ، كانوا يسيرون مسيرة أربعة أشهر في أمان لا يحرك بعضهم بعضاً ، ولو لقي الرجل قاتل أبيه لم يحركه . قوله عز وجل : { فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَرِنَا } قرأ أبو عمرو ، وابن كثير { بَعِّد } بغير ألف وبتشديد العين ، وقرأ الباقون { بَاعِدْ } بألف وبتخفيف العين وفيهما ثلاثة تأويلات : أحدها : أنهم قالوا ذلك لأنهم ملّوا النعم كما ملَّ بنو اسرائيل المن والسلوى ، قاله الحسن . الثاني : أنهم قالوا لو كانت ثمارنا أبعد مما هي كانت أشهى في النفوس وأحلى ، قاله ابن عيسى ، وهو قريب من الأول لأنه بطر . فصار نوعاً من الملل . الثالث : معناه زد في عمارتنا حتى تبعد فيه أسفارنا ، حكاه النقاش . وهذا القول منهم طلباً للزيادة والكثرة . وقرأ بعض القراء { بَعُد } بضم العين وتخفيفها ، وهذا القول منهم شكوى لبعد سفرهم وتمني قصره . { وَظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : ظلموها بقولهم باعد بين أسفارنا ، قاله بن زيد . الثاني : بتكذيب الرسل وهم ثلاثة عشر نبياً . قال الكلبي : أنهم قالوا لرسلهم حين ابتلوا وهم مكذبون : وقد كنا نأبى عليكم وأرضنا عامرة خير أرض فكيف اليوم وأرضنا خراب شر أرض . الثالث : أنهم ظلموا أنفسهم بالتغيير والتبديل بعد أن كانوا مسلمين ، قاله الحسن . { فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ } أي يتحدث الناس بما كانوا فيه من نعيم وما صارواْ إليه من هلاك ، حتى ضرب المثل فقيل : تفرقوا أيدي سبأ ، ومنه قول الشاعر : @ باد قوم عصف الدهر بهم فرقوا عن صرفه أيدي سبأ @@ { وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ } فيه قولان : أحدهما : أنهم فرقوا بالهلاك حتى صاروا تراباً تذروه الرياح ، قاله يحيى بن سلام . الثاني : أنهم مزقوا بالتفريق والتباعد ، قاله قتادة . حكى الشعبي قال : أما غسان فلحقوا بالشام ، وأما خزاعة فحلقوا بمكة ، وأما الأوس والخزرج فلحقوا بيثرب يعني المدينة ، وأما الأزد فلحقوا بعمان . { إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } يحتمل وجهين : أحدهما : صبار على البلوى شكور على النعماء . الثاني : صبور على أمر الله شكور في طاعة الله .