Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 63-67)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { اليوم نختم على أفواههم } فيه وجهان : أحدهما : أن يكون منعها من الكلام هو الختم عليها . الثاني : أن يكون ختماً يوضع عليها فيرى ويمنع من الكلام . وفي سبب الختم أربعة أوجه : أحدها : لأنهم قالوا { والله ربنا ما كنا مشركين } فختم الله تعالىعلى أفواههم حتى نطقت جوارحهم ، قاله أبو موسى الأشعري . الثاني : لِيَعرفهم أهل الموقف فيتميزون منهم ، قاله ابن زياد . الثالث : لأن إقرار غير الناطق أبلغ في الإلزام من إقرار الناطق لخروجه مخرج الإعجاز وإن كان يوماً لا يحتاج فيه إلى الإعجاز . الرابع : ليعلم أن أعضاءه التي كانت لهم أعواناً في حق نفسه صارت عليه شهوداً في حق ربه . { وتُكلِّمنا أيديهم وتشهدُ أرجلهم بما كانوا يكسبون } وفي كلامها ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه يظهر منها سِمة تقوم [ مقام ] كلامها كما قال الشاعر : @ وقد قالت العينان سمعاً وطاعة وحَدَّرنا كالدر لما يثَقّبِ @@ الثاني : أن الموكلين بها يشهدون عليها . الثالث : أن الله تعالى يخلق فيها ما يتهيأ معه الكلام منها . روى الشعبي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقال لأركانه انطقي فتنطق بعمله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول : بُعداً لكنَّ وسحقاً فعنكن كنت أناضل " . فإن قيل فلم قال { وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم } فجعل ما كان من اليد . كلاماً ، وما كان من الرجل شهادة ؟ قيل لأن اليد مباشرة لعمله والرجل حاضرة ، وقول الحاضر على غيره شهادة ، وقول الفاعل على نفسه إقرار ، فلذلك عبّر عما صدر من الأيدي بالقول ، وعما صدر من الأرجل بالشهادة . وقد روى شريح بن عبيد عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل اليسرى " . فاحتمل أن يكون تقدم الفخذ بالكلام على سائر الأعضاء لأن لذة معاصيه يدركها بحواسه التي في الشطر الأعلى من جسده ، وأقرب أعضاء الشطر الأسفل منها الفخذ ، فجاز لقربه منها أن يتقدم في الشهادة عليها ، وتقدمت اليسرى لأن الشهوة في ميامن الأعضاء أقوى منها في مياسرها ، فلذلك تقدمت اليسرى على اليمنى لقلة شهوتها . قوله عز وجل : { ولو نشاءُ لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصِّراطَ } فيه وجهان : أحدهما : لأعمينا أبصار المشركين في الدنيا فضلوا عن الطريق فلا يبصرون عقوبة لهم ، قاله قتادة . الثاني : لأعمينا قلوبهم فضلوا عن الحق فلم يهتدوا إليه ، قاله ابن عباس . قال الأخفش وابن قتيبة : المطموس هو الذي لا يكون بين جفنيه شق مأخوذ من طمس الريح الأثر . { ولو نشاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ } فيه ثلاث تأويلات : أحدها : لأقعدناهم على أرجلهم ، قاله الحسن وقتادة . الثاني : لأهلكناهم في مساكنهم ، قاله ابن عباس . الثالث : لغيّرنا خلْقهم فلا ينقلبون ، قاله السدي . { فما استطاعوا مُضِيّاً ولا يرجعون } فيه وجهان : أحدهما : فما استطاعوا لو فعلنا ذلك بهم أن يتقدموا ولا يتأخروا ، قاله قتادة . الثاني : فما استطاعوا مُضِيّاً في الدنيا ، ولا رجوعاً فيها ، قاله أبو صالح .