Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 139-148)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وإن يونس لمن المرسلين } قال السدي : يونس بن متى نبي من أنبياء الله تعالى بعثه إلى قرية يقال لها نينوى على شاطىء دجلة : قال قتادة : وهي من أرض الموصل . { إذ أبق إلى الفُلك المشحون } والآبق الفارّ إلى حيث لا يعلم به ، قال الحسن : فر من قومه وكان فيما عهد إليهم أنهم إن لم يؤمنوا أتاهم العذاب ، وجعل علامة ذلك خروجاً من بين أظهرهم ، فلما خرج عنه جاءتهم ريح سوداء فخافوها فدعوا الله بأطفالهم وبهائمهم فأجابهم وصرف العذاب عنهم فخرج مكايداً لقومه مغاضباً لدين ربه حتى أتى البحر فركب سفينة وقد استوقرت حملاً ، فلما اشتطت بهم خافوا الغرق . وفيما خافوا الغرق به قولان : أحدهما : أمواج من ريح عصفت بهم قاله ابن عباس . الثاني : من الحوت الذي عارضهم ، حكاه ابن عيسى ، فقالوا عند ذلك : فينا مذنب لا ننجو إلا بإلقائه ، فاقترعوا فخرجت القرعة على يونس فألقوه ، وهو معنى قوله تعالى : { فساهَم } أي قارع بالسهام ، قاله ابن عباس والسدي . { فكان من المدحضين } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : من المقروعين ، قاله ابن عباس ومجاهد . الثاني : من المغلوبين ، قاله سعيد بن جبير ، ومنه قول أبي قيس : @ قتلنا المدحضين بكل فج فقد قرت بقتلهم العيون @@ الثالث : أنه الباطل الحجة ، قاله السدي مأخوذ من دحض الحجة وهو بطلانها فلما ألقوه في البحر آمنوا . قوله عز وجل : { فالتقمه الحوت وهُو مليم } قال ابن عباس : أوحى الله تعالى إلى سمكة يقال لها اللخم من البحر الأخضر أن شقي البحار حتى تأخذي يونس ، وليس يونس لك رزقاً ، ولكن جعلت بطنك له سجناً ، فلا تخدشي له جلداً ولا تكسري له عظماً ، فالتقمه الحوت حين ألقي . وفي قوله : { وهو مليم } ثلاثة تأويلات : أحدها : أي مسيء مذنب ، قاله ابن عباس . الثاني : يلوم نفسه على ما صنع ، وهو معنى قول قتادة . الثالث : يلام على ما صنع ، قاله الكلبي . والفرق بين الملوم والمليم أن المليم اذا أتى بما يلام عليه ، والملوم إذا ليم عليه . { فلولا أنه كان مِن المسبحين } فيه أربعة أوجه : أحدها : من القائلين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، قاله الحسن . الثاني : من المصلين قاله ابن عباس . الثالث : من العابدين ، قاله وهب بن منبه . الرابع : من التائبين ، قاله قطرب . وقيل تاب في الرخاء فنجاه الله من البلاء . { للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } قال قتادة : إلى يوم القيامة حتى يَصير الحوت له قبراً ، وفي مدة لبثه في بطن الحوت أربعة أقاويل : أحدها : بعض يوم ، قال الشعبي : التقمه ضحى ولفظه عشية . الثاني : ثلاثة أيام ، قاله قتادة . الثالث : سبعة أيام ، قاله جعفر . الرابع : أربعون يوماً ، قاله أبو مالك ، وقيل إنه سار بيونس حتى مر به إلى الإيلة ثم عاد في دجلة إلى نينوى . { فنبذناه بالعراء } فيه أربعة أوجه : أحدها : بالساحل ، قاله ابن عباس . الثاني : بالأرض ، قاله السدي ، قال الضحاك : هي أرض يقال لها بلد . الثالث : موضع بأرض اليمن . الرابع : الفضاء الذي لا يواريه نبت ولا شجر ، قال الشاعر : @ ورفعت رِجْلاً لا أخاف عثارها ونبذت بالبلد العراء ثيابي @@ { وهو سقيم } فيه وجهان : أحدهما : كهيئة الصبي ، قاله السدي . الثاني : كهيئة الفرخ الذي ليس له ريش ، قاله ابن مسعود لأنه ضعف بعد القوة ، ورق جلده بعد الشدة . قوله عز وجل : { وأنبتنا عليه شجرة من يقطين } فيها خمسة أقاويل : أحدها : أنه القرع ، قاله ابن مسعود . الثاني : أنه كل شجرة ليس فيها ساق يبقى من الشتاء إلى الصيف ، قاله سعيد بن جبير . الثالث : أنها كل شجرة لها ورق عريض ، قاله ابن عباس . الرابع : أنه كل ما ينبسط على وجه الأرض من البطيخ والقثاء ، رواه القاسم بن أبي أيوب . الخامس : أنها شجرة سماها الله تعالى يقطيناً أظلته رواه هلال بن حيان . وهو تفعيل من قطن بالمكان أي أقام إقامة زائل لا إقامة راسخ كالنخل والزيتون ، فمكث يونس تحتها يصيب منها ويستظل بها حتى تراجعت نفسه إليه ، ثم يبست الشجرة فبكى حزناً عليها ، فأوحى الله تعالى إليه : أتبكي على هلاك شجرة ولا تبكي على هلاك مائة ألف أو يزيدون ؟ حكاه ابن مسعود . وحكى سعيد بن جبير أنه لما تساقط ورق الشجر عنه أفضت إليه الشمس فشكاه فأوحى الله تعالى إليه : يا يونس جزعت من حر الشمس ولم تجزع لمائة ألف أو يزيدون تابوا إليّ فتبت عليهم . قوله عز وجل : { وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون } فيهم قولان : أحدهما : أنه أرسل إليهم بعدما نبذه الحوت ، قاله ابن عباس ، فكان أرسل إلى قوم بعد قوم . الثاني : أنه أرسل إلى الأولين فآمنوا بشريعته ، وهو معنى قول ابن مسعود . وفي قوله : { أو يزيدون } ثلاثة أوجه : أحدها : أنه للإبهام كأنه قال أرسلناه إلى أحد العددين . الثاني : أنه على شك المخاطبين . الثالث : أن معناه : بل يزيدون ، قاله ابن عباس وعدد من أهل التأويل ، مثله قوله فكان قاب قوسين أو أدنى يعنى بل أدنى ، قال جرير : @ أثعلبة الفوارس أو رباحاً عدلت بهم طهية والخشابا @@ والمعنى أثعلبة بل رباحاً . واختلف من قال بهذا في قدر زيادتهم على مائة ألف على خمسة أقاويل : أحدها : يزيدون عشرين ألفاً ، رواه أُبي بن كعب مرفوعاً . الثاني : يزيدون ثلاثين ألفاً ، قاله ابن عباس . الثالث : يزيدون بضعة وثلاثين ألفاً ، قاله الحكم . الرابع : بضعة وأربعين ألفاً رواه سفيان بن عبد الله البصري . الخامس : سبعين ألفاً ، قاله سعيد بن جبير .