Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 36-45)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : يعرض ، قاله قتادة . الثاني : يعمى ، قاله ابن عباس . الثالث : أنه السير في الظلمة ، مأخوذ من العشو وهو البصر الضعيف ، ومنه قول الشاعر : @ لنعم الفتى تعشو إلى ضوءِ ناره إذا الريحُ هبّت والمكان جديب @@ وفي قوله : { عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ } ثلاثة أوجه : أحدها : عن ذكر الله ، قاله قتادة . الثاني : عما بيّنه الله من حلال وحرام وأمر ونهي ، وهو معنى قول ابن عباس . الثالث : عن القرآن لأنه كلام الرحمن ، قاله الكلبي . { نُقِيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً } فيه وجهان : أحدهما : نلقيه شيطاناً . الثاني : نعوضه شيطاناً ، مأخوذ من المقايضة وهي المعاوضة . { فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } فيه قولان : أحدهما : أنه شيطان يقيض له في الدنيا يمنعه من الحلال ويبعثه على الحرام ، وينهاه عن الطاعة ويأمره بالمعصية ، وهو معنى قول ابن عباس . الثاني : هو أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره شفع بيده شيطان فلم يفارقه حتى يصير بهما الله إلى النار ، قاله سعيد بن جبير . قوله عز وجل : { حَتَّى إِذَا جَآءَنا } قرأ على التوحيد أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص ، يعني ابن آدم ، وقرأ الباقون { جَاءَانَا } على التثنية يعني ابن آدم وقرينه . { قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَعُدَْ الْمَشْرِقَيْنِ } هذا قول ابن آدم لقرينه وفي المشرقين قولان : أحدهما : أنه المشرق والمغرب فغلب أحدهما على الآخر كما قيل : سنة العمرين ، كقول الشاعر : @ أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قمراها والنجوم الطوالع @@ الثاني : أنه مشرق الشتاء ومشرق الصيف ، كقوله تعالى { رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ } . قوله عز وجل : { فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه قولان : أحدهما : إما نخرجنك من مكة من أذى قريش فإنا منهم منتقمون بالسيف يوم بدر . الثاني : فإما نقبض روحك إلينا فإنا منتقمون من أمتك فيما أحدثوا بعدك . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أُرِي ما لقيت أمته بعده فما زال منقبضاً ما انبسط ضاحكاً حتى لقي الله تعالى . قوله عز وجل : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } يعني القرآن ذكر لك [ ولقومك ] . وفي { لَذِكْرٌ } قولان : أحدهما : الشرف ، أي شرف لك ولقومك ، قاله ابن عباس . الثاني : أنه لذكر لك ولقومك تذكرون به أمر الدين وتعملون به ، حكاه ابن عيسى . { وَلِقَوْمِكَ } فيه قولان : أحدهما : من اتبعك من أمتك ، قاله قتادة . الثاني : لقومك من قريش فيقال : ممن هذا الرجل ؟ فيقال : من العرب ، فيقال : من أي العرب ؟ فيقال : من قريش ، قاله مجاهد . { وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } فيه وجهان : أحدهما : عن الشكر ، قاله مقاتل . الثاني : أنت ومن معك عما أتاك ، قاله ابن جريج . وحكى ابن أبي سلمة عن أبيه عن مالك بن أنس في قوله { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } أنه قول الرجل حدثني أبي عن جدي . قوله عز وجل : { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : يعني الأنبياء الذين جمعوا له ليلة الإسراء ، قاله ابن عباس ، وابن زيد ، وكانوا سبعين نبياً منهم إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ، فلم يسألهم لأنه كان أعلم بالله منهم ، قاله ابن عباس . الثاني : أهل الكتابين التوراة والإنجيل ، قاله قتادة ، والضحاك ، ويكون تقديره سل أمم من أرسلنا من قبلك من رسلنا . الثالث : جبريل ، ويكون تقديره . واسأل عما أرسلنا من قبلك من رسلنا ، حكاه النقاش . { أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ ءَالِهَةً يُعْبَدُونَ } وسبب هذا الأمر بالسؤال أن اليهود والمشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن ما جئت به مخالف لمن كان قبلك ، فأمره الله بسؤالهم لا لأنه كان في شك منه . واختلف في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لهم على قولين : أحدهما : أنه سألهم ، فقالت الرسل بعثنا بالتوحيد ، قاله الواقدي . الثاني : أنه لم يسأل ليقينه بالله تعالى ، حتى حكى ابن زيد أن ميكائيل قال لجبريل : هل سألك محمد ذلك ؟ فقال جبريل : هو أشد إيماناً وأعظم يقيناً من أن يسألني عن ذلك .