Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 29-32)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وَإذ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْءَانَ } فيه قولان : أحدهما : أنهم صرفوا عن استراق سمع السماء برجوم الشهب ولم يكونوا بعد عيسى صرفوا عنه إلا عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : ما هذا الذي حدث في الأرض ؟ فضربوا في الأَرض حتى وقفوا على النبي صلى الله عليه وسلم ببطن نخلة عائداً إلى عكاظ وهو يصلي الفجر ، فاستمعوا القرآن ونظروا كيف يصلي ويقتدي به أصحابه ، فرجعوا إلى قومهم فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجباً ، قاله ابن عباس . وحكى عكرم أن السورة التي كان يقرأها ببطن نخلة { اقرأْ بِاسِمِ رَبِّكَ } [ العلق : 1 ] وحكى ابن عباس كان يقرأ في العشاء { كَادوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } . الثاني : أنهم صرفوا عن بلادهم بالتوفيق هداية من الله لهم حتى أتوا نبي الله ببطن نخلة . وفيهم أربعة أقاويل : أحدها : أنهم جن من أهل نصيبين ، قاله ابن عباس . الثاني : أنهم من أهل نينوى ، قاله قتادة . الثالث : أنهم من جزيرة الموصل ، قاله عكرمة . الرابع : من أهل نجران ، قاله مجاهد . واختلف في عددهم على ثلاثة أقاويل : أحدها : أنهم كانوا اثني عشر ألفاً من جزيرة الموصل ، قاله عكرمة . الثاني : أنهم كانوا تسعة أحدهم زوبعة ، قاله زر بن حبيش . الثالث : أنهم كانوا سبعة : ثلاثة من أهل نجران وأربعة من أهل نصيبين ، وكانت أسماؤهم حسى ومسى وشاصر وناصر والأردن وأنيان الأحقم ، قاله مجاهد . واختلف في علم النبي صلى الله عليه وسلم على قولين : أحدهما : أنه ما شعر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أوحى الله إليه فيهم وأخبره عنهم ، قاله ابن عباس ، والحسن . الثاني : أن الله قد كان أعلمه بهم قبل مجيئهم . روى شعبة عن قتادة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " إِنِّي أمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى الْجِنِّ فَأَيُّكُمْ يَتْبَعُنِي " ؟ فأطرقوا فاتبعه ابن مسعود فدخل نبي الله صلى الله عليه وسلم شعباً يقال له شعب الحجون وخط عليه وخط على ابن مسعود ليثبته بذلك ، قال عكرمة : وقال لابن مسعود : " لاَ تَبْرَحْ حَتَّى آتِيكَ " فلما خشيهم ابن مسعود كاد أن يذهب فذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبرح ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " لَوْ ذَهَبْتَ مَا التَقَيْنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " ولما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم تلا عليهم القرآن وقضى بينهم في قتيل منهم . وروى قتادة عن ابن مسعود أنهم سألوه الزاد فقال : " كُلُّ عَظْمٍ لَكُم عِرْقٌ ، وَكُلٌّ رَوَثَةٍ لَكُم خَضِرَةٌ " فقالوا يا رسول الله يقذرها الناس علينا ، فنهى سول الله صلى الله عليه وسلم أن يستنجى بأحدهما . روى عبد الله بن عمرو بن غيلان عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ وَفْدَ الجِنَّ سَأَلُونِي المَتَاع ، - وَالمَتَاعُ : الزَّادُ - فَمَتَّعْتُهُم بِكُلِّ عَظْمٍ حَائِلٍ وَبَعْرَةٍ أَوْ رَوَثَةٍ " فقلت : يا رسول الله وما يغني عن ذلك عنهم ؟ فقال : " إنهم لا يجدون عظماً إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل ، ولا روثة ولا بعرة إلا وجدوا فيها حبها يوم أكلت ، فلا يستنجين أحدكم إذا خرج من الخلاء بعظم ولا بعرة ولا روثة " . { فَلَمَّا حَضَرُوه قَالُواْ أنصِتُواْ } يحتمل وجهين : أحدهما : فلما حضروا قراءة القرآن قال بعضهم لبعض أنصتوا لسماع القرآن . الثاني : لما حضروا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أنصتوا لسماع قوله . { فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } فيه وجهان : أحدهما : فلما فرغ من الصلاة ولوا إلى قومهم منذرين برسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الكلبي : مخوفين : قاله الضحاك . الثاني : فلما فرغ من قرءاة القرآن ولوا إلى قومهم منذرين ، حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم . قوله عز وجل : { يَا قَوْمَنَا أَجِيبُواْ دَاعِيَ اللَّهِ } أي نبي الله يعني محمداً صلى الله عليه وسلم . { وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ } أي نبي الله يعني محمداً صلى الله عليه وسلم . { فَليسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ } أي سابق لله فيفوته هرباً .