Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 105-108)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ … } في قوله : { شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ } ثلاثة تأويلات : أحدها : أنها الشهادة بالحقوق عند الحكام . والثاني : أنها شهادة الحضور للوصية . والثالث : أنها أيمان ، ومعنى ذلك أيمان بينكم ، فعبر عن اليمين بالشهادة كما قال في أيمان المتلاعنين : { فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتِ بِاللَّهِ } . وفي قوله تعالى : { … اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مَِّنكُمْ } تأويلان : أحدهما : يعني من المسلمين ، قاله ابن عباس ، ومجاهد . والثاني : من حي المُوصِي ، قاله الحسن ، وسعيد بن المسيب ، وعكرمة وفيهما قولان : أحدهما : أنهما شاهدان يشهدان على وصية المُوصِي . والثاني : أنهما وصيان . { أَوْ ءَاخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ } فيه تأويلان : أحدهما : من غير دينكم من أهل الكتاب ، قاله ابن عباس ، وأبو موسى ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم ، وشريح . والثاني : من غير قبيلتكم وعشيرتكم ، قاله الحسن ، وعكرمة ، والزهري ، وعبيدة . وفي { أَوْ } في هذا الموضع قولان : أحدهما : أنها للتخيير في قبول اثنين منا أو آخرين من غيرنا . والثاني : أنها لغير التخيير ، وإن معنى الكلام ، أو آخران من غيركم إن لم تجدوا ، منكم ، قاله ابن عباس وشريح ، وسعيد بن جبير والسدي . { إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ } يعني سافرتم . { فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ } وفي الكلام محذوف تقديره : فأصابتكم مصيبة الموت ، وقد أسندتم الوصية إليهما . ثم قال تعالى : { تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاَةِ } يعني تستوقفونهما للأيمان وهذا خطاب للورثة ، وفي هذه الصلاة ثلاثة أقوال : أحدها : بعد صلاة العصر ، قاله شريح ، والشعبي ، وسعيد بن جبير وقتادة . والثاني : من بعد صلاة الظهر ، والعصر ، قاله الحسن . والثالث : من بعد صلاة أهل دينهما ومِلَّتِهِمَا من أهل الذمة ، قاله ابن عباس ، والسدي . { فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ أَرْتَبْتُمْ لاَ تَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً } معناه فيحلفان بالله إن ارتبتم بهما ، وفيهما قولان : أحدهما : أنهما الوصيان إن ارتبتم بهما في الخيانة أَحْلَفَهُمَا الورثة . والثاني : أنهما الشاهدان إن ارتبتم بهما ، ولم تُعْرَفْ عدالتهما ، ولا جرحهما ، أحلفهما الحاكم ليزول عنه الارتياب بهما ، وهذا إنما جوزه قائل هذا القول في السفر دون الحضر . وفي قوله تعالى : { لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً } تأويلان : أحدهما : لا نأخذ عليه رشوة ، قاله ابن زيد . والثاني : لا نعتاض عليه بحق . { وَلَو كَانَ ذَا قُرْبَى } أي لا نميل مع ذي القربى في قول الزور ، والشهادة بغير حق . { وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ } يعني عندنا فيما أوجبه علينا . قوله تعالى : { فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً } يعني فإن ظهر على أنهما كَذَبَا وخَانَا ، فعبر عن الكذب بالخيانة والإِثم لحدوثه عنهما . وفي الذين : { عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اْسْتَحَقَّا إِثْماً } قولان : أحدهما : أنهما الشاهدان ، قاله ابن عباس . والثاني : أنهما الوصيان ، قاله سعيد بن جبير . { فَئَاخَرَان } يعني من الورثة . { يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا } في اليمين ، حين ظهرت الخيانة . { مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهُمُ الأَوْلَيَانِ } فيه تأويلان : أحدهما : الأوليان بالميت من الورثة ، قاله سعيد بن جبير . والثاني : الأوليان بالشهادة من المسلمين ، قاله ابن عباس وشريح . وكان سبب نزول هذه الآية ما روى عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس قال : خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بدّاء ، فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم ، فلما قدما بتركته ، فقدوا جاماً من فضة مُخَوَّصاً بالذهب فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم وجد الجام بمكة ، وقالوا اشتريناه من تميم الداري ، وعدي بن بدّاء ، فقام رجلان من أولياء السهمي فَحَلَفَا : { لَشَهَادَتُنا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا } وأن الجام لصاحبهم قال : وفيهم نزل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُِوا شَهَادَةُ بَينِكُمْ } إلى قوله : { واتَّقُواْ اللَّهَ وَاسْمَعُواْ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } . ثم اختلفوا في حكم هاتي الآيتين هل هو منسوخ أو ثابت . فقال ابن عباس حكمهما منسوخ . قال ابن زيد : لم يكن الإسلام إلا بالمدينة فجازت شهادة أهل الكتاب وهو اليوم طبق الأرض . وقال الحسن : حكمهما ثابت غير منسوخ .