Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 1-13)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى { الرَّحْمَنُ } فيه قولان : أحدهما : أنه اسم ممنوع لا يستطيع الناس أن ينتحلوه ، قاله الحسن ، وقطرب . الثاني : أنه فاتحة ثلاث سور إذا جمعن كن اسماً من أسماء الله تعالى : { الر } و { حم } و { ن } فيكون مجموع هذه { الرَّحْمَنُ } ، قاله سعيد بن جبير ، وابن عباس . { عَلَّمَ الْقُرْءانَ } فيه وجهان : أحدهما : علمه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أداه إلى جميع الناس . الثاني : سهل تعلمه على جميع الناس . { خَلَقَ الإِنسَانَ } فيه قولان : أحدهما : يعني آدم ، قاله الحسن وقتادة . الثاني : أنه أراد جميع الناس وإن كان بلفظ واحد ، وهو قول الأكثرين . { عَلَّمَهُ الْبَيَانَ } لأنه بالبيان فُضِّل على جميع الحيوان ، وفيه ستة تأويلات : أحدها : أن البيان الحلال والحرام ، قاله قتادة . الثاني : الخير والشر ، قاله الضحاك ، والربيع بن أنس . الثالث : المنطق والكلام ، قاله الحسن . الرابع : الخط ، وهو مأثور . الخامس : الهداية ، قاله ابن جريج . السادس : العقل لأن بيان اللسان مترجم عنه . ويحتمل سابعاً : أن يكون البيان ما اشتمل على أمرين : إبانة ما في نفسه ومعرفة ما بين له . وقول ثامن لبعض أصحاب الخواطر : خلق الإنسان جاهلاً به ، فعلمه السبيل إليه . { الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } فيه خمسة أوجه : أحدها : يعني بحساب ، قاله ابن عباس ، والحسبان مصدر الحساب ، وقيل : جمعه . الثاني : معنى الحسبان هذه آجالها ، فإذا انقضى الأجل كانت القيامة ، قاله السدي . الثالث : أنه يقدر بهما الزمان لامتياز النهار بالشمس والليل بالقمر ولو استمر أحدهما فكان الزمان ليلاً كله أو نهاراً كله لما عرف قدر الزمان ، قاله ابن زيد . الرابع : يدوران ، وقيل إنهما يدوران في مثل قطب الرحى ، قاله مجاهد . الخامس : معناه يجريان بقدر . { وَالنَّجْمُ وَالْشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } في النجم قولان : أحدهما : نجم السماء ، وهو موحد والمراد به جميع النجوم ، قاله مجاهد . الثاني : أن النجم النبات الذي قد نجم في الأرض وانبسط فيها ، ليس له ساق ، والشجر ما كان على ساق ، قاله ابن عباس . وفي سجودهما خمسة أقاويل : أحدها : هو سجود ظلهما ، قاله الضحاك . الثاني : هو ما فيهما من الصنعة والقدرة التي توجب السجود والخضوع ، قاله ابن بحر . الثالث : أن سجودهما دوران الظل معهما ، كما قال تعالى : { يتفيأ ظلاله } ، قاله الزجاج . الرابع : أن سجود النجم أفوله ، وسجود الشجر إمكان الإجتناء لثمارها . الخامس : أن سجودهما أنهما يستقبلان الشمس إذا أشرقت ثم يميلان معها إذا انكسر الفيء ، قاله الفراء . { وَالسَّمَآءَ رَفَعَهَا } يعني على الأرض . { وَوَضَعَ الْمِيزَانَ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه الميزان ذو اللسان ليتناصف به الناس في الحقوق ، قاله الضحاك . الثاني : أن الميزان الحكم . الثالث : قاله قتادة ، ومجاهد ، والسدي : أنه العدل ، ومنه قول حسان : @ ويثرب تعلم أنا بها إذا التبس الأمر ميزانها @@ { أَلاَّ تَطْغُواْ فِي الْمِيزَانِ } وفي الميزان ما ذكرناه من الأقاويل : أحدها : أنه العدل وطغيانه الجور ، قاله مجاهد . الثاني : أنه ميزان الأشياء الموزونات وطغيانه البخس ، قاله مقاتل ، وقال ابن عباس : يا معشر الموالي وليتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم : المكيال والميزان . الثالث : أنه الحكم ، وطغيانه التحريف . { وَأقِيمُواْ الْوَزْنَ بَالْقِسْطِ } أي بالعدل ، قال مجاهد : القسط : العدل . { وَلاَ تُخْسِرُواْ الْمِيزَانَ } أي لا تنقصوه بالبخس قيل : إنه المقدار : فالجور إن قيل : إنه العدل ، والتحريف إن قيل : الحكم . وفي وجه رابع : أنه ميزان حسناتكم يوم القيامة . { وَالأرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } أي بسطها ووطأها للأنام ليستقروا عليها ويقتاتوا منها . وفي الأنام ثلاثة أقاويل : أحدها : أنهم الناس ، قاله ابن عباس ، وفيه قول بعض الشعراء في رسول الله صلى الله عليه وسلم : @ مبارك الوجه يستسقى الغمام به ما في الأنام له عدل ولا خطر @@ الثاني : أن الأنام الإنس والجن ، قاله الحسن . الثالث : أن الأنام جميع الخلق من كل ذي روح ، قاله مجاهد ، وقتادة والسدي ، سمي بذلك لأنه ينام ، قال الشاعر : @ جاد الإله أبا الوليد ورهطه رب الأنام وخصه بسلام @@ { فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكمَامِ } فيه أربعة أقاويل : أحدها : أن ذات الأكمام النخل ، وأكمامها ليفها الذي في أعناقها ، قاله الحسن . الثاني : أنه رقبة النخل التي تكمم فيه طلعاً ، ومنه قول الشاعر : @ وذات أثارة أكلت عليها نباتاً في أكمتة قفار @@ الثالث : أنه الطلع المكمم الذي هو كمام الثمرة ، قاله ابن زيد . الرابع : أن معنى ذات الأكمام أي ذوات فضول على كل شيء ، قاله ابن عباس . { وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالْرَّيْحَانُ } أما الحب فهو كل حب خرج من أكمامها كالبر والشعير . وأما العصف ففيه ثلاثة أقاويل : أحدها : تبن الزرع وورقه الذي تعصفه الريح ، قاله ابن عباس . الثاني : أنه الزرع إذا اصفر ويبس . الثالث : أنه حب المأكول منه ، قاله الضحاك ، كما قال تعالى : { كَعَصْفٍ مَأكُولٍ } . وأما الريحان ففيه خمسة أوجه : أحدها : أنه الرزق ، قاله مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والسدي ، والعرب تقول : خرجنا نطلب ريحان الله أي رزقه ، ويقال سبحانك وريحانك أي رزقك ، وقال النمر بن تولب : @ سلام الإله وريحانه ورخيته وسماء درر @@ قاله الضحاك ، ورخيته هي لغة حِمْيَر . الثاني : أن الريحان الزرع الأخضر الذي لم يسنبل ، قاله ابن عباس . الثالث : أنه الريحان الذي يشم ، قاله الحسن ، والضحاك ، وابن زيد . الرابع : أن العصف الورق الذي لا يؤكل والريحان هو الحب المأكول ، قاله الكلبي . { فَبِأَيِّ ءَالآءِ رَبِّكُمْا تُكّذِّبَانِ } في الآلاء قولان : أحدهما : أنها النعم ، وتقديره فبأي نعم ربكما تكذبان ، قاله ابن عباس ، ومنه قول طرفة : @ كامل يجمع الآلاء الفتى بيديه سيد السادات خصم @@ الثاني : أنها القدرة ، وتقدير الكلام فبأي قدرة ربكما تكذبان ، قاله ابن زيد ، والكلبي . وفي قوله ربكما إشارة إلى الثقلين الإنس والجن في قول الجميع . وقد روى محمد بن المنكدر عن جابر قال : قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن حتى ختمها ثم قال : " مِا لِي أَرَاكُم سُكُوتاً ؟ ! الجِنُّ أَحْسَنُ مِنكُم رَداً ، كُنتُ كُلَّمَا قَرأَتُ عَلَيهِم الأَيةَ { فَبَأَيِّ ءَالآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } قَالُوا : وَلاَ بِشَيءٍ مِن نِّعَمِكَ رَبَّنَا نُكّذِّبُ فَلَكَ الْحَمْدُ " . وتكرارها في هذه االسورة لتقرير النعم التي عددها ، فقررهم عند كل نعمة منها ، كما تقول للرجل أما أحسنت إليك حين وهبت إليك مالاً ؟ أما أحسنت إليك حين بنيت لك داراً ، ومنه قول مهلهل بن ربيعة يرثي أخاه كليباً :