Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 75-82)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ الْنُّجُومِ } فيه وجهان : أحدهما : أنه إنكار أن يقسم الله بشيء من مخلوقاته ، قال الضحاك : إن الله لا يقسم بشىء من خلقه ولكنه استفتاح يفتتح به كلامه . الثاني : أنه يجوز أن يقسم الخالق بالمخلوقات تعظيماً من الخالق لما أقسم به من مخلوقاته . فعلى هذا في قوله : { فَلاَ أُقْسِمُ } وجهان : أحدهما : أن " لا " صلة زائدة ، ومعناه أقسم . الثاني : أن قوله : { فَلاَ } راجع إلى ما تقدم ذكره ، ومعناه فلا تكذبوا ولا تجحدوا ما ذكرته من نعمة وأظهرته من حجة ، ثم استأنف كلامه فقال : { أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } . وفيها ستة أقاويل : أحدها : أنها مطالعها ومساقطها ، قاله مجاهد . الثاني : إنتشارها يوم القيامة وإنكدارها ، قاله الحسن . الثالث : أن مواقع النجوم السماء ، قاله ابن جريج . الرابع : أن مواقع النجوم الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا : مطرنا بنوء كذا ، قاله الضحاك ، ويكون قوله : { فلا أقسم } مستعملاً على حقيقته في نفي القسم بها . الخامس : أنها نجوم القرآن أنزلها الله من اللوح المحفوظ من السماء العليا إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ، فنجمه السفرة على جبريل عشرين ليلة ، ونجمه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين سنة ، فهو ينزله على الأحداث في أمته ، قاله ابن عباس والسدي . السادس : أن مواقع النجوم هو محكم القرآن ، حكاه الفراء عن ابن مسعود . { وَإِنَّهُ قَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } فيه قولان : أحدهما : أن القرآن قسم عظيم ، قاله ابن عباس . الثاني : أن الشرك بآياته جرم عظيم ، قاله ابن عباس ، والضحاك . ويحتمل ثالثاً : أن ما أقسم الله به عظيم . { إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ } يعني أن هذا القرآن كريم ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : كريم عند الله . الثاني : عظيم النفع للناس . الثالث : كريم بما فيه من كرائم الأخلاق ومعالي الأمور . ويحتمل أيضاً رابعاً : لأنه يكرم حافظه ويعظم قارئه . { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } وفيه أربعة أقاويل : أحدها : أنه كتاب في السماء وهو اللوح المحفوظ ، قاله ابن عباس ، وجابر بن زيد . الثاني : التوراة والإنجيل فيهما ذكر القرآن وذكر من ينزل عليه ، قاله عكرمة . الثالث : أنه الزبور . الرابع : أنه المصحف الذي في أيدينا ، قاله مجاهد ، وقتادة . وفي { مَّكْنُونٍ } وجهان : أحدهما : مصون ، وهو معنى قول مجاهد . الثاني : محفوظ عن الباطل ، قاله يعقوب بن مجاهد . ويحتمل ثالثاً : أن معانيه مكنونة فيه . { لاَّ يَمَسَّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ } تأويله يختلف بإختلاف الكتاب ، فإن قيل : إنه كتاب في السماء ففي تأويله قولان : أحدهما : لا يمسه في السماء إلا الملائكة المطهرون ، قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير . الثاني : لا ينزله إلا الرسل من الملائكة إلى الرسل من الأنبياء ، قاله زيد بن أسلم . وإن قيل إنه المصحف الذي في أيدينا ففي تأويله ستة أقاويل : أحدها : لا يمسه بيده إلا المطهرون من الشرك ، قاله الكلبي . الثاني : إلا المطهرون من الذنوب والخطايا قاله الربيع بن أنس . الثالث : إلا المطهرون من الأحداث والأنجاس ، قاله قتادة . الرابع : لا يجد طعم نفعه إلا المطهرون أي المؤمنون بالقرآن ، حكاه الفراء . الخامس : لا يمس ثوابه إلا المؤمنون ، رواه معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم . السادس : لا يلتمسه إلا المؤمنون ، قاله ابن بحر . { أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ } يعني بهذا الحديث القرآن الذي لا يمسه إلا المطهرون . وفي قوله مدهنون أربعة تأويلات : أحدها : مكذبون ، قاله ابن عباس . الثاني : معرضون ، قاله الضحاك . الثالث : ممالئون الكفار على الكفر به ، قاله مجاهد . الرابع : منافقون في التصديق به حكاه ابن عيسى ، ومنه قول الشاعر : @ لبعض الغشم أبلغ في أمور تنوبك من مداهنة العدو @@ { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُم إِنَّكُم تُكَذِّبُونَ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه الإستسقاء بالأنواء وهو قول العرب مطرنا بنوء كذا ، قاله ابن عباس ورواه علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم . الثاني : الاكتساب بالسحر ، قاله عكرمة . الثالث : هو أن يجعلوا شكر الله على ما رزقهم تكذيب رسله والكفر به ، فيكون الرزق الشكر ، وقد روي عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : { وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُم أَنَّكُم تُكَذِّبُونَ } . ويحتمل رابعاً : أنه ما يأخذه الأتباع من الرؤساء على تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم والصد عنه .