Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 141-142)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْروشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ … } أما الجنات فهي البساتين يحفها الشجر ، وأما الروضة فهي الخضراء بالنبات ، وأما الزهرة فهي باختلاف الألوان الحسنة . وفي قوله : { مَعْرُوشَاتٍ } أربعة أقاويل : أحدها : أنه تعريش الناس الكروم وغيرها ، بأن ترفع أغصانها ، قاله ابن عباس ، والسدي . والثاني : أن تعريشها هو رفع حظارها وحيطانها . والثالث : أنها المرتفعة عن الأرض لعلو شجرها ، فلا يقع ثمرها على الأرض ، لأن أصله الارتفاع ولذلك سُمِّيَ السرير عرشاً لارتفاعه ، ومنه قوله تعالى : { خاوية على عروشها } [ الكهف : 42 ] و [ الحج : 45 ] أي على أعاليها وما ارتفع منها . والرابع : أن المعروشات ما عرشه الناس ، وغير المعروشات ما نبت في البراري والجبال . { كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } وإنما قدم ذكر الأكل لأمرين : أحدهما : تسهيلاً لإيتاء حقه . والثاني : تغليباً لحقهم وافتتاحاً بنفعهم بأموالهم . وفي قوله : { وَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } ثلاثة أقاويل : أحدها : الصدقة المفروضة فيه : العُشْر فيما سقي بغير آلة ، ونصف العشر فيما سقي بآلة ، وهذا قول الجمهور . والثاني : أنها صدقة غير الزكاة ، مفروضة يوم الحصاد والصرام وهي إطعام من حضر وترك ما تساقط من الزرع والثمر ، قاله عطاء ومجاهد . والثالث : أن هذا كان مفروضاً قبل الزكاة ثم نسخ بها ، قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم . { وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } فيه خمسة أقاويل : أحدها : أن هذا الإسراف المنهي عنه هو أن يتجاوز رب المال إخراج القدر المفروض عليه إلى زيادة تجحف به ، قاله أبو العالية ، وابن جريج . وقد روى سعد بن سنان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المُعْتَدِي فِي الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا " وقيل : إنها نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وقد تصدق بجميع ثمرته حتى لم يبق فيها ما يأكله . والثاني : هو أن يأخذ السلطان منه فوق الواجب عليه ، قاله ابن زيد . والثالث : هو أن يمنع رب المال من دفع القدر الواجب عليه ، قاله سعيد بن والمسيب . والرابع : أن المراد بهذا السرف ما كانوا يشركون آلهتهم فيه من الحرث والأنعام ، قاله الكلبي . والخامس : هو أن يسرف في الأكل منها قبل أن يؤدي زكاتها ، قاله ابن بحر . قوله عز وجل : { وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أن الحمولة كبار الإبل التي يُحْمَلُ عليها ، والفرش صغارها التي لا يحمل عليها ، مأخوذ من افتراش الأرض بها على الاستواء كالفرش . وقال ابن بحر الافتراش الإضجاع للنحر ، فتكون الحمولة كبارها ، والفرش صغارها ، قال الراجز : @ أورثني حمولة وفرشا أمشّها في كل يوم مشّا @@ أي أمسحها ، قاله ابن مسعود ، والحسن ، ومجاهد . والثاني : أن الحَمُولة ما حُمِلَ عليه من الإبل والبقر ، والفرش : الغنم ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، ومنه قول ابن مسلمة : @ وحوينا الفرش من أنعامكم والحمولات وربات الحجل @@ والثالث : أن الحملة ما حمل من الإبل ، والبقر ، والخيل ، والبغال ، الحمير ، والفرش ما خلق لهم من أصوافها وجلودها . { كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ } يحتمل وجهين : أحدهما : من الحمولة ليبين أن الانتفاع بظهرها لا يمنع من جواز أكلها . والثاني : أنه إذن منه في عموم أكل المباح من أموالهم ، ونهى عن أكل ما لا يملكونه . { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } فيها قولان : أحدهما : أنها طريقه التي يدعوكم إليها من كفر وضلال . والثاني : أنها تخطيه إلى تحريم الحلال وتحريم الحرام ، وقد ذكرنا ما في ذلك من زيادة التأول ومن الاحتمال ، وأنه الانتقال من معصية إلى أخرى حتى يستوعب جميع المعاصي ، مأخوذ من خطو القدم : انتقالها من مكان إلى مكان . { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } فيه قولان : أحدهما : أنه ما بان لكم من عداوته لأبيكم آدم . والثاني : ما بان لكم من عداوته لأوليائه من الشياطين ، قاله الحسن .