Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 1-3)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَواتِ وَالأَرْضَ … } الآية قال وهب بن منبه : فاتحة التوارة فاتحة الأنعام إلى قوله : { يَعْدِلُونَ } ، وخاتمة التوراة خاتمة هود . وقوله : { الْحَمْدُ لِلَّهِ } جاء على صيغة الخبر وفيه معنى الأمر ، وذلك أولى من أن يجيء بلفظ الأمر فيقول احْمِدِ الله ، لأمرين : أحدهما : أنه يتضمن تعليم اللفظ والمعنى ، وفي الأمر المعنى دون اللفظ . والثاني : أن البرهان إنما يشهد بمعنى الخبر دون الأمر . { الَّذِي خَلَقَ السَمَوَاتِ والأرضَ } لأن خلق السموات والأرض نِعَمٌ تستوجب الحمد ، لأن الأرض تقل ، والسماء تظل ، وهي من أوائل نعمه على خلقه ، ولذلك استحمد بخلقها وأضاف خلقها إلى نفسه عند حمده ، على أن مستحق الحمد هو خالق السموات والأرض ، ليكون باستحقاق الحمد منفرداً لانفراده بخلق السموات والأرض . وفي جمع السموات وتوحيد الأرض وجهان : أحدهما : لأن السموات أشرف من الأرض ، والجمع أبلغ في التفخيم من الوحيد كقوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلَنَا الذِّكْرَ } [ الحجر : 9 ] . والثاني : لأن أوامره إلى الأرض تخترق جميع السماوات السبع . وفي تقديم السموات على الأرض وجهان : أحدهما : لتقدم خلقها على الأرض . والثاني : لشرفها فقدمها على ذكر الأرض وإن كانت مخلوقة بعد الأرض . وهذان الوجهان من اختلاف العلماء أيهما خُلِقَ أولاً . { وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ } يعني وخلق ، فغاير بين اللفظ ليكون أحسن في النظم ، والمراد بالظلمات والنور هنا ثلاثة أوجه : أحدها : وهو المشهور من قول قتادة ، قدم الظلمة على النور لأنه قدم خلق الظلمة على خلق النور ، وجمع الظلمات ووحد النور لأن الظلمات أعم من النور . والثاني : أن الظلمات : الليل ، والنور : النهار . والثالث : أن الظلمات : الكفر ، والنور : الإِيمان ، قاله السدي . ولأصحاب الخواطر ، فيه ثلاثة أوجه أُخَر : أحدها : أن الظلمات : الأجسام ، والنور : الأرواح . الثاني : أن الظلمات : أعمال الأبدان ، والنور : ضمائر القلوب . والثالث : أن الظلمات : الجهل ، والنور : العلم . { ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } أي يجعلون له مع هذه النَّعَمْ عِدْلاً ، يعني مثلاً . وفيه قولان : أحدهما : أنهم يعدلون به الأصنام التي يعبدونها . والثاني : أنهم يعدلون به إلهاً غيره لم يُخْلَق مثل خلقه . { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمَّى عِندَهُ } في هذين الأجلين أربعة أقاويل : أحدها : أن الأجل الأول الذي قضاه أجل الحياة إلى الموت ، والأجل الثاني المسمى عنده أجل الموت إلى البعث ، قاله الحسن ، وقتادة . الثاني : أن الأجل الأول الذي قضاه أجل الدنيا ، والأجل الثاني المسمى عنه ابتداء الآخرة ، قاله ابن عباس ، ومجاهد . والثالث : أن الأجل الأول الذي قضاه هو حين أخذ الميثاق على خلقه في ظهر آدم ، والأجل الثاني المسمى عنده الحياة في الدنيا ، قاله ابن زيد . والرابع : أن الأجل الذي قضاه أجل من مات ، والأجل المسمى عنده أجل من يموت بعد ، قاله ابن شجرة . { تَمْتَرُونَ } فيه وجهان : أحدهما : تشكون ، والامتراء : الشك . والثاني : تختلفون ، مأخوذ من المراء وهو الاختلاف . قوله تعالى : { وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أن معنى الكلام وهو اله المُدَبِّر في السموات وفي الأرض . { يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ } أي ما تخفون ، وما تعلنون . والثاني : وهو الله المعبود في السموات ، وفي الأرض . والثالث : أن في الكلام تقديماً وتأخيراً ، وتقديره : وهو الله يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض ، لأن في السموات الملائكة ، وفي الأرض الإِنس والجن ، قاله الزجاج . { وََيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } أي ما تعلمون من بعد ، ولا يخفى عليه ما كان منكم ، ولا ما سيكون ، ولا ما أنتم عليه في الحال من سر ، وجهر .