Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 4-11)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ } لأن مشركي قريش لما أنكروا نزول القرآن أخبر الله أنه لو أنزله عليهم من السماء لأنكروه وكفروا به لغلبة الفساد عليهم ، فقال : { ولَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ } واسم القرطاس لا ينطلق إلا على ما فيه كتابة ، فإن لم يكن فيه كتابة قيل طرس ولم يقل قرطاس . قال زهير بن أبي سلمى : @ بها أخاديد من آثار ساكنها كما تردد في قرطاسه القلم @@ { فَلَمَسُوهُ بِأَيِدِيهِمْ } قال ذلك تحقيقاً لنزوله عليهم . ويحتمل بلمس اليد دون رؤية العين ثلاثة أوجه : أحدها : أن نزوله مع الملائكة وهم لا يرون بالأبصار ، فلذلك عَبَّر عنه باللمس دون الرؤية . والثاني : لأن الملموس أقرب من المرئي . والثالث : لأن السحر يتخيل في المرئيات ، ولا يتخيل في الملموسات . { لَقَالَ الََّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } تكذيباً لليقين بالعناد ، والمبين : ما دل على بيان بنفسه ، والبيِّن : ما دل على بيانه ، فكان المبين أقوى من البيِّن . قوله عز وجل : { وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ } أي ملك يشهد بتصديقه { وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأَمْرُ } أي لو أنزلنا ملكاً فلم يؤمنوا لقضي الأمر وفيه تأويلان : أحدهما : لقضي عليهم بعذاب الاستئصال ، قاله الحسن ، وقتادة ، لأن الأمم السالفة كانوا إذا اقترحوا على أنبيائهم الآيات فأجابهم الله تعالى إلى الإِظهار فلم يؤمنوا استأصلهم بالعذاب . والثاني : أن معنى لقضي الأمر لقامت الساعة ، قاله ابن عباس . { ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ } أي لا يُمْهَلُون ولا يُؤَخَّرون ، يعني عن عذاب الاستئصال . على التأويل الأول ، وعن قيام الساعة على التأويل الثاني . { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً } يعني ولو جعلنا معه ملكاً يدل على صدقه لجعلناه في صورة رجل . وفي وجوب جعله رجلاً وجهان : أحدهما : لأن الملائكة أجسامهم رقيقة لا تُرَى ، فاقتضى أن يُجْعَل رجلاً لكثافة جسمه حتى يرى . والثاني : أنهم لا يستطيعون أن يروا الملائكة على صورهم ، وإذا كان في صورة الرجل لم يعلموا ملك هو أو غير ملك . { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَّا يَلْبِسُونَ } فيه ثلاثة تأويلات : أحدها : معناه ولخلطنا عليهم ما يخلطون ، قاله الكلبي . والثاني : لشبهنا عليهم ما يشبهون على أنفسهم ، قال الزجاج : كما يشبهون على ضعفائهم واللبس في كلامهم هو الشك ومنه قول الخنساء : @ أصدق مقالته واحذر عداوته والبس عليه بشك مثل ما لبسا @@ والثالث : وللبسنا على الملائكة من الثبات ما يلبسه الناس من ثيابهم ، ليكونوا على صورهم وعلى زِيِّهم ، قاله جويبر . قوله تعالى : { … كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ } أي أوجبها ربكم على نفسه ، وفيها أربعة أوجه : أحدها : أنها تعريض خلقه لما أمرهم به من عبادته التي تفضي بهم إلى جنته . والثاني : ما أراهم من الآيات الدالة على وجوب طاعته . والثالث : إمهالهم عن معالجة العذاب واستئصالهم بالانتقام . والرابع : قبوله توبة العاصي والعفو عن عقوبته . { لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } وهذا توعد منه بالعبث والجزا أَخَرجَه مَخْرَج القسم تحقيقاً للوعد والوعيد ، ثم أكده بقوله : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } .