Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 33-36)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ } يعني من التكذيب . لك ، والكفر بي . { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكّذَّبونَكَ } فيه أربعة أوجه : أحدها : فإنهم لا يكذبونك بحجة ، وإنما هو تكذيب بهت وعناد ، فلا يحزنك ، فإنه لا يضرك ، قاله أبو صالح ، وقتادة ، والسدي . والثاني : فإنهم لا يكذبون قولك لعلمهم بصدقك ، ولكن يكذبون ما جئت به ، قاله ناجية بن كعب . والثالث : لا يكذبونك في السر لعلمهم بصدقك ، ولكنهم يكذبونك في العلانية لعداوتهم لك ، قاله الكلبي . والرابع : معناه أن تكذيبهم لقولك ليس بتكذيب لك ، لأنك رسول مُبَلّغ ، وإنما هو تكذيب لآياتي الدالة على صدقك والموجبة لقبول قولك ، وقد بين ذلك بقوله تعالى : { وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بئَأَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } أي يكذبون . وقرأ نافع والكسائي : { لاَ يُكَذِّبُونَكَ } وهي قراءة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتأويلها : لا يجدونك كاذباً . قوله عز وجل : { … وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ } يحتمل أربعة تأويلات : أحدها : معناه لا مُبطِل لحُجَّتِهِ ولا دافع لبرهانه . والثاني : معناه لا رَادَّ لأمره فيما قضاه من نصر أوليائه ، وأوجبه من هلاك أعدائه . والثالث : معناه لا تكذيب لخبره فيما حكاه من نصر مَنْ نُصِرَ وهلاك مَنْ أُهْلِكَ . والرابع : معناه لا يشتبه ما تخرّصه الكاذبون عليه بما بلَّغه الأنبياء عنه . { وَلَقْدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِىْ الْمُرْسَلِينَ } فيما صبروا عليه من الأذى ، وقُوبلوا عليه من النصر . قوله عز وجل : { وَإِن كَانَ كَبُرَ إِعْرَاضُهُمْ } فيه قولان : أحدهما : [ إعراضهم ] عن سماع القرآن . والثاني : عن استماعك . { فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ } أي سرباً ، وهو المسلك فيها ، مأخوذ من نافقاء اليربوع . { أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَآءِ } فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : مصعداً ، قاله السدي . والثاني : دَرَجاً ، قاله قتادة . والثالث : سبباً ، قاله الكلبي وقد تضمن ذلك قول كعب بن زهير . @ ولا لَكُمَا مَنْجىً عَلَى الأرْضِ فَابْغِيَا به نَفَقاً أوْ في السَّمَوَات سُلَّماً @@ { فَتَأْتِيَهُم بئَايَةٍ } يعني أفضل من آيتك ولن تستطيع ذلك ، لم يؤمنوا لك ، فلا يحزنك تكذيبهم وكفرهم ، قال الفراء : وفي الكلام مضمر محذوف وتقديره : فتأتيهم بآية فافعل . { وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى } يعني بالإلجاء والاضطرار . قال ابن عباس : كل موضع قال الله فيه { ولو شاءَ اللهُ } فإنه لم يشأ . { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ } يعني تجزع في مواطن الصبر ، فتصير بالأسف والتحسر مقارباً لأحوال الجاهلين . قوله عز وجل : { إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ } الاستجابة هي القبول ، والفرق بينها وبين الجواب : أن الجواب قد يكون قبولاً وغير قبول . وقوله : { الَّذِينَ يَسْمَعُونَ } فيه تأويلان : أحدهما : يعني الذين يعقلون ، قاله الكلبي . والثاني : الذين يسمعون طلباً للحق ، لأن الاستجابة قد تكون من الذين يسمعون طلباً للحق ، فأما من لا يسمع ، أو يسمع لكن لا بقصد طلب الحق ، فلا يكون منه استجابة . { وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ } فيه قولان : أحدهما : أن المراد بالموتى هنا الكفار ، قاله الحسن ، وقتادة ومجاهد . ويكون معنى الكلام : إنما يستجيب المؤمنون الذين يسمعون ، والكفار لا يسمعون إلا عند معاينة الحق اضطراراً حين لا ينفعهم حتى يبعثم الله كفاراً ثم يحشرون كفاراً . والقول الثاني : أنهم الموتى الذين فقدوا الحياة ، وهو مثل ضربه الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ، ويكون معنى الكلام : كما أن الموتى لا يستجيبون حتى يبعثهم الله فكذلك الذين لا يسمعون .