Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 91-92)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } فيه أربعة تأويلات : أحدها : وما عظموه حق عظمته ، قاله الحسن ، والفراء ، والزجاج . والثاني : وما عرفوه حق معرفته ، قاله أبو عبيدة . والثالث : وما وصفوه حق صفته ، قاله الخليل . والرابع : وما آمنوا بأن الله على كل شيء قدير ، قاله ابن عباس . { إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِن شَيْءٍ } يعني من كتاب من السماء . وفي هذا الكتاب الذي أنكروا نزوله قولان : أحدهما : أنه التوراة ، أنكر حبر اليهود فيما أنزل منها ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى هذا الحبر اليهودي سميناً ، فقال له : " أَمَا تَقْرَءُونَ فِي التَّورَاةِ : أَنَّ اللَّه يَبْغَضُ الحَبْرَ السَّمِينَ " فغضب من ذلك وقال : ما أنزل الله على بشر من شيء ، فتبرأت منه اليهود ولعنته ، حكاه ابن بحر . والقول الثاني : أنه القرآن أنكروه رداً لأن يكون القرآن مُنَزَّلاً . وفي قائل ذلك قولان : أحدهما : قريش . والثاني : اليهود . فرد الله تعالى عليهم بقوله : { قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَى } يعني التوراة لاعترافهم بنزولها . ثم قال : { نُوراً وَهُدىً لِّلنَّاسِ } لأن المنزل من السماء لا يكون إلا نوراً وهدىً . ثم قال : { تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } يعني أنهم يخفون ما في كتابهم من بنوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وصفته وصحة رسالته . قوله عز وجل : { وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلَنَاهُ مُبَارَكٌ } يعني القرآن ، وفي { مُبارَكٌ } ثلاثة أوجه : أحدها : أنه العظيم البركة لما فيه من الاستشهاد به . والثاني : لما فيه من زيادة البيان لأن البركة هي الزيادة . والثالث : أن المبارك الثابت . { مُّصَدِقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } فيه قولان : أحدهما : الكتب التي قبله من التوراة ، والإِنجيل ، وغيرهما ، قاله الحسن البصري . والثاني : النشأة الثانية ، قاله علي بن عيسى . { وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى } يعني أهل أم القرى ، فحذف ذكر الأهل إيجازاً كما قال : { وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ } [ يوسف : 82 ] . و { أُمَّ الْقُرَى } مكة وفي تسميتها بذلك أربعة أقاويل : - أحدها : لأنها مجتمع القرى ، كما يجتمع الأولاد إلى الأم . والثاني : لأن أول بيت وضع بها ، فكأن القرى نشأت عنها ، قاله السدي . والثالث : لأنها معظمة كتعظيم الأم ، قاله الزجاج . والرابع : لأن الناس يؤمونها من كل جانب ، أي يقصدونها . ثم قال : { وَمَنْ حَوْلَهَا } قال ابن عباس : هم أهل الأرض كلها . { وَالَّذِينَ يَؤْمِنُونَ بِالأَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ } وفيما ترجع إليه هذه الكناية قولان : أحدهما : إلى الكتاب ، وتقديره : والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون بهذا الكتاب ، قاله الكلبي . والثاني : إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وتقديره : والذين يؤمنون بالآخرة ، يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم لِمَا قد أظهر الله تعالى من معجزته وأَبَانَه الله من صدقه ، قاله الفراء . فإن قيل : فيمن يؤمن بالآخرة من أهل الكتاب لا يؤمنون به ؟ قيل : لا اعتبار لإِيمانهم بها لتقصيرهم في حقها ، فصاروا بمثابة من لم يؤمن بها .