Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 68, Ayat: 17-33)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إنا بَلَوناهم كما بَلَوْنا أَصْحابَ الجَنَّةِ } فيهم قولان : أحدهما : إن الذين بلوناهم أهل مكة بلوناهم بالجوع كرتين ، كما بلونا أصحاب الجنة حتى عادت رماداً . الثاني : أنهم قريش ببدر . حكى ابن جريج أن أبا جهل قال يوم بدر خذوهم أخذاً واربطوهم في الحبال ، ولا تقتلوا منهم أحداً ، فضرب اللَّه بهم عند العدو مثلاً بأصحاب الجنة . { إذ أَقْسموا لَيَصرِمُنّها مُصْبِحينَ } قيل إن هذه الجنة حديقة كانت باليمن بقرية يقال لها ضَروان ، بينها وبين صنعاء اليمن اثنا عشر ميلاً ، وفيها قولان : أحدهما : أنها كانت لقوم من الحبشة . الثاني : قاله قتادة أنها كانت لشيخ من بني إسرائيل له بنون ، فكان يمسك منها قدر كفايته وكفاية أهله ، ويتصدق بالباقي ، فجعل بنوه يلومونه ويقولون : لئن ولينا لنفعلن ، وهو لا يطيعهم حتى مات فورثوها ، فقالوا : نحن أحوج بكثرة عيالنا من الفقراء والمساكين " فأقسموا ليصرُمنّها مصبحين " أي حلفوا أن يقطعوا ثمرها حين يصبحون . { ولا يَسْتَثْنونَ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : لا يستثنون من المساكين ، قاله عكرمة . الثاني : استثناؤهم قول سبحان ربنا ، قاله أبو صالح . الثالث : قول إن شاء اللَّه . { فطاف عليها طائفٌ مِن ربِّك وهم نائمونَ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أمر من ربك ، قاله ابن عباس . الثاني : عذاب من ربك ، قاله قتادة . الثالث : أنه عنق من النار خرج من وادي جنتهم ، قاله ابن جريج . { وهم نائمون } أي ليلاً وقت النوم ، قال الفراء : الطائف لا يكون إلا ليلاً . { فأصبحت كالصَريم } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : كالرماد الأسود ، قاله ابن عباس . الثاني : كالليل المظلم ، قاله الفراء ، قال الشاعر : @ تطاولَ ليلُكَ الجَوْنُ البهيمُ فما ينجاب عن صبحٍ ، صَريمُ @@ الثالث : كالمصروم الذي لم يبق فيه ثمر . روى أسباط عن ابن مسعود أنه قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " أياكم والمعاصي ، إن العبد ليذنب فيحرم به رزقاً قد كان هيىء له " ، ثم تلا : { فطاف عليها طائف من ربك … } الآيتين قد حرموا خير جنتهم بذنبهم . { فتنادَوْا مُصبِحينَ } أي دعا بعضعهم بعضاً عند الصبح . { أنِ اغْدُوا على حَرْثِكم } قال مجاهد : كان الحرث عنباً . { إن كنتم صارمين } أي عازمين على صرم حرثكم في هذا اليوم . { فانْطَلَقُوا وهم يتخافتونَ } فيه أربعة أوجه : أحدها : يتكلمون ، قاله عكرمة . الثاني : يخفون كلامهم ويسرونه لئلا يعلم بهم أحد ، قاله عطاء وقتادة . الثالث : يخفون أنفسهم من الناس حتى لا يروهم . الرابع : لا يتشاورون بينهم . { أن لا يدخُلَنّها اليومَ عليكم مِسكين } قاله يحيى بن سلام . { وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادرين } فيه تسعة أوجه : أحدها : على غيظ ، قاله عكرمة . الثاني : على جَدٍّ ، قاله مجاهد . الثالث : على منع ، قاله أبو عبيدة . الرابع : على قصد ، ومنه قول الشاعر : @ أقْبَلَ سيلٌ جاء من عندِ اللّه يحْرِدُ حَرْدَ الجَنّة المُغِلّة @@ اُي يقصد قصد الجنة المغلة . الخامس : على فقر ، قاله الحسن . السادس : على حرص ، قاله سفيان . السابع : على قدرة ، قاله ابن عباس . الثامن : على غضب ، قاله السدي . التاسع : أن القرية تسمى حرداً ، قاله السدي . وفي قوله : " قادرين " ثلاثة أوجه : أحدها : يعني قادرين على المساكين ، قاله الشعبي . الثاني : قادرين على جنتهم عند أنفسهم ، قاله قتادة . الثالث : أن موافاتهم إلى جنتهم في الوقت الذي قدروه ، قاله ابن بحر . ويحتمل رابعاً : أن القادر المطاع بالمال والأعوان ، فإذا ذهب ماله تفرق أعوانه فعُصيَ وعجز . { فلمّا رأوْها قالوا إنا لَضالُّون } أي أنهم لما رأوا أرض الجنة لا ثمرة فيها ولا شجر قالوا إنا ضالون الطريق وأخطأنا مكان جنتنا ، ثم استرجعوا فقالوا : { بل نحن محرومون } أي حُرمنا خير جنتنا ، قال قتادة : معناه جوزينا فحُرمنا . { قال أَوْسَطُهم } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : يعني أعدلهم ، قاله ابن عباس . الثاني : خيرهم ، قاله قتادة . الثالث : أعقلهم ، قاله ابن بحر . { أَلَمْ أقُل لكم لولا تُسَبَّحونَ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : لولا تستثنون عند قولهم " ليصرمنها مصبحين " ، قاله ابن جريج . الثاني : أن التسبيح هو الاستثناء ، لأن المراد بالاستثناء ذكر اللَّه ، وهو موجود من التسبيح . الثالث : أن تذكروا نعمة اللَّه عليكم فتؤدوا حقه من أموالكم .