Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 8-16)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَدُّوا لو تُدْهِنُ فَيدْهِنونَ } فيه ستة تأويلات : أحدها : معناه ودوا لو تكفر فيكفرون ، قاله السدي والضحاك . الثاني : ودوا لو تضعُف فيضعُفون ، قاله أبو جعفر . الثالث : لو تلين فيلينون ، قاله الفراء . الرابع : لو تكذب فيكذبون ، قاله الربيع بن أنس . الخامس : لو ترخص لهم فيرخصون لك ، قاله ابن عباس . السادس : أن تذهب عن هذا الأمر فيذهبون معك ، قاله قتادة . وفي أصل المداهنة وجهان : أحدهما : مجاملة العدو وممايلته ، قال الشاعر : @ لبَعْضُ الغَشْم أحزْم أمورٍ تَنوبُك مِن مداهنةِ العدُوِّ . @@ الثاني : أنها النفاق وترك المناصحة ، قاله المفضل ، فهي على هذا الوجه مذمومة ، وعلى الوجه الأول غير مذمومة . { ولا تُطِعْ كلَّ حَلاَّفٍ مَهينٍ } فيه أربعة أوجه : أحدها : أنه الكذاب ، قاله ابن عباس . الثاني : الضعيف القلب ، قاله مجاهد . الثالث : أنه المكثار من الشر ، قاله قتادة . الرابع : أنه الذليل بالباطل ، قاله ابن شجرة . ويحتمل خامساً : أنه الذي يهون عليه الحنث . وفي من نزل ذلك فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : أنها نزلت في الأخنس بن شريق ، قاله السدي . الثاني : الأسود بن عبد يغوث ، قاله مجاهد . الثالث : الوليد بن المغيرة ، عرض على النبي صلى الله عليه وسلم مالاً وحلف أن يعطيه إن رجع عن دينه ، قاله مقاتل . { هَمَّازٍ مَشّاءٍ بِنميمٍ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه الفتّان الطعان ، قاله ابن عباس وقتادة . الثاني : أنه الذي يلوي شدقيه من وراء الناس ، قاله الحسن . الثالث : أنه الذي يهمزهم بيده ويضربهم دون لسانه ، قاله ابن زيد ، والأول أشبه لقول الشاعر : @ تُدْلي بِوُدٍّ إذا لاقيتني كذباً وإن أغيبُ فأنت الهامز اللُّمَزة . @@ { مشّاءٍ بنميم } فيه وجهان : أحدهما : الذي ينقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض ، قاله قتادة . الثاني : هو الذي يسعى بالكذب ، ومنه قول الشاعر : @ ومَوْلى كبيْتِ النمل لا خير عنده لمولاه إلا سعية بنميم @@ وفي النميم والنميمة وجهان : أحدهما : أنهما لغتان ، قاله الفراء . الثاني : أن النميم جمع نميمة . { منّاعٍ للخيْرِ } فيه وجهان : أحدهما : للحقوق من ظلم . الثاني : الإسلام يمنع الناس منه . { عُتُلٍّ بَعْد ذلك زنيمٍ } يعني بعد كونه " منّاعٍ للخيرٍ " معتدٍ أثيم ، هو عتل زنيم ، وفيه تسعة أوجه : أحدها : أن العُتُلّ الفاحش ، وهو مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم : الثاني : أنه القوي في كفره ، قاله عكرمة . الثالث : أنه الوفير الجسم ، قاله الحسن وأبو رزين . الرابع : أنه الجافي الشديد الخصومة بالباطل ، قاله الكلبي . الخامس : أنه الشديد الأسر ، قاله مجاهد . السادس : أنه الباغي ، قاله ابن عباس . السابع : أنه الذي يعتِل الناس ، أي يجرهم إلى الحبس أو العذاب ، مأخوذ من العتل وهو الجر ، ومنه قوله تعالى : { خذوه فاعتِلوه } [ الحاقة : 30 ] . الثامن : هو الفاحش اللئيم ، قاله معمر ، قال الشاعر : @ يعتل من الرجال زنيم غير ذي نجدةٍ وغير كريم . @@ التاسع : ما رواه شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غَنْم ، ورواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يدخل الجنةَ جواظٌ ولا جعظري ولا العتلّ الزنيم " فقال رجل : ما الجواظ وما الجعظري وما العتل الزنيم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الجواظ الذي جمع ومنع ، والجعظري الغليظ ، والعتل الزنيم الشديد الخلق الرحيب الجوف ، المصحح الأكول الشروب الواجد للطعام ، الظلوم للناس " . وأما الزنيم ففيه ثماني تأويلات : أحدها : أنه اللين ، رواه موسى بن عقبة عن النبي صلى الله عليه وسلم . الثاني : أنه الظلوم ، قاله ابن عباس في رواية ابن طلحة عنه . الثالث : أنه الفاحش ، قاله إبراهيم . الرابع : أنه الذي له زنمة كزنمة الشاة ، قال الضحاك : لأن الوليد بن المغيرة كان له أسفل من أذنه زنمة مثل زنمة الشاة ، وفيه نزلت هذه الآية ، قال محمد بن إسحاق : نزلت في الأخنس بن شريق لأنه حليف ملحق ولذلك سمي زنيماً . الخامس : أنه ولد الزنى ، قاله عكرمة . السادس : أنه الدعيّ ، قال الشاعر : @ زنيمٌ تَداعاه الرجالُ زيادةً كما زِيدَ في عَرْضِ الأديمِ الأكارعُ @@ السابع : أنه الذي يعرف بالأُبنة ، وهو مروي عن ابن عباس أيضاً . الثامن : أنه علامة الكفر كما قال تعالى : { سنسمه على الخرطوم } ، قاله أبو رزين . { أنْ كان ذا مالٍ وبنينَ } قيل إنه الوليد بن المغيرة ، كانت له حديقة بالطائف ، وكان له اثنا عشر ابناً ، حكاه الضحاك . وقال عليّ بن أبي طالب : المال والبنون حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الآخرة . { إذا تتْلى عليه آياتُنا } يعني القرآن . { قال أساطيرُ الأوّلين } يعني أحاديث الأولين وأباطيلهم . { سَنَسِمُهُ على الخُرطومِ } فيه أربعة أقاويل : أحدها : أنها سمة سوداء تكون على أنفه يوم القيامة يتميز بها الكافر ، كما قال تعالى : { يُعْرَفُ المجرمون بسيماهم } [ الرحمن : 41 ] . الثاني : أنه يضرب في النار على أنفه يوم القيامة ، قاله الكلبي . الثالث : أنه إشهار ذكره بالقبائح ، فيصير موسوماً بالذكر لا بالأثر . الرابع : هو ما يبتليه اللَّه به في الدنيا في نفسه وماله وولده من سوء وذل وصَغار ، قاله ابن بحر واستشهد بقول الأعشى . @ فدَعْها وما يَغنيك واعمد لغيرها بشِعرك واغلب أنف من أنت واسم . @@ وقال المبرد : الخرطوم هو من الناس الأنف ، ومن البهائم الشفة .