Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 1-7)
Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { ن } فيه ثمانية أقوال : أحدها : أن النون الحوت الذي عليه الأرض ، قاله ابن عباس من رواية أبي الضحى عنه ، وقد رفعه . الثاني : أن النون الدواة ، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . الثالث : أنه حرف من حروف الرحمن ، قاله ابن عباس في رواية الضحاك عنه . الرابع : هو لوح من نور ، رواه معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم . الخامس : أنه اسم من أسماء السورة ، وهو مأثور . السادس : أنه قسم أقسم اللَّه به ، وللَّه تعالى أن يقسم بما يشاء ، قاله قتادة . السابع : أنه حرف من حروف المعجم . الثامن : أن نون بالفارسية أيذون كن ، قاله الضحاك . ويحتمل تاسعاً : إن لم يثبت به نقل أن يكون معناه : تكوين الأفعال والقلم وما يسطرون ، فنزل الأقوال جميعاً في قسمه بين أفعاله وأقواله ، وهذا أعم قسمة . ويحتمل عاشراً : أن يريد بالنون النفْس لأن الخطاب متوجه إليها بغيرعينها بأول حروفها ، والمراد بالقلم ما قدره اللَّه لها وعليها من سعادة وشقاء ، لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ . أما { والقلم } ففيه وجهان : أحدهما : أنه القلم الذي يكتبون به لأنه نعمة عليهم ومنفعة لهم ، فأقسم بما أنعم ، قاله ابن بحر . الثاني : أنه القلم الذي يكتب به الذكر على اللوح المحفوظ ، قال ابن جريج : هو من نور ، طوله كما بين السماء والأرض . وفي قوله { وما يَسْطرون } ثلاثة أقاويل : أحدها : وما يعلمون ، قاله ابن عباس . الثاني : وما يكتبون ، يعني من الذكر ، قاله مجاهد والسدي . الثالث : أنهم الملائكة الكاتبون يكتبون أعمال الناس من خير وشر . { ما أنت بنعمةِ ربّك بمجنونٍ } كان المشركون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم أنه مجنون به شيطان ، وهو قولهم : { يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } [ الحجر : 6 ] فأنزل اللَّه تعالى رداً عليها وتكذيباً لقولهم : { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } أي برحمة ربك ، والنعمة ها هنا الرحمة . ويحتمل ثانياً : أن النعمة ها هنا قسم ، وتقديره : ما أنت ونعمة ربك بمجنون ، لأن الواو والباء من حروف القسم . وتأوله الكلبي على غير ظاهره ، فقال : معناه ما أنت بنعمة ربك بمخفق . { وإنّ لك لأجْراً غيْرَ مَمْنُونٍ } فيه أربعة أوجه : أحدها : غير محسوب ، قاله مجاهد . الثاني : أجراً بغير عمل ، قاله الضحاك . الثالث : غير ممنون عليك من الأذى ، قاله الحسن . الرابع : غير منقطع ، ومنه قول الشاعر : @ ألا تكون كإسماعيلَ إنَّ له رأياً أصيلاً وأجْراً غيرَ ممنون @@ ويحتمل خامساً : غير مقدّر وهو الفضل ، لأن الجزاء مقدر ، والفضل غير مقدر . { وإنك لعلى خُلُقٍ عظيمٍ } فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أدب القرآن ، قاله عطية . الثاني : دين الإسلام ، قاله ابن عباس وأبو مالك . الثالث : على طبع كريم ، وهو الظاهر . وحقيقة الخلُق في اللغة هو ما يأخذ به الإنسان نفسه من الآداب سمي خلقاً لأنه يصير كالخلقة فيه ، فأما ما طبع عليه من الآداب فهو الخيم فيكون الخلق الطبع المتكلف ، والخيم هو الطبع الغريزي ، وقد أوضح ذلك الأعشى في شعره فقال : @ وإذا ذو الفضول ضنّ على المو لى وعادت لِخيمها الأخلاقُ @@ أي رجعت الأخلاق إلى طباعها . { فَسَتبْصِرُ ويُبْصرُونَ } فيه وجهان : أحدهما : فسترى ويرون يوم القيامة حين يتبين الحق والباطل . الثاني : قاله ابن عباس معناه فستعلم ويعلمون يوم القيامة . { بأَيِّكم المْفتونُ } فيه أربعة أوجه : أحدها : يعني المجنون ، قاله الضحاك . الثاني : الضال ، قاله الحسن . الثالث : الشيطان ، قاله مجاهد . الرابع : المعذب من قول العرب فتنت الذهب بالنار إذا أحميته ، ومنه قوله تعالى : { يوم هم على النار يُفْتنون } [ الذاريات : 13 ] أي يعذبون .