Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 123-129)

Tafsir: an-Nukat wa-l-ʿuyūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ … } الآية : { الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ } فيهم ثلاثة أقاويل : أحدها : أنه أشرافهم . والثاني : رؤساؤهم . والثالث : أنهم الرهط والنفر الذين آمنوا معهم . والفرق بين الرهط والنفر من وجهين : أحدهما : كثرة الرهط وقلة النفر . والثاني : قوة الرهط وضعف النفر ، وفي تسميتهم بالملأ وجهان : أحدهما : أنهم مليئون بما يراد منهم . والثاني : لأنهم تملأ النفوس هيبتهم . وفيه وجه ثالث : لأنهم يملأون صدور المجالس . فإن قيل : فما وجه إقدامهم على الإنكار على فرعون مع عبادتهم له ؟ قيل : لأنهم رأوا منه خلاف عادته وعادة الملوك في السطوة بمن أظهر العناد وخالف ، وكان ذلك من لطف الله بموسى . وفي قوله : { لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ } وجهان : أحدهما : ليفسدوا فيها بعبادة غيرك والدعاء إلى خلاف دينك . والثاني : ليفسدوا فيها بالغلبة عليها وأخذ قومه منها . ثم قالوا : { وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَ } فإن قيل : فما وجه قولهم ذلك له وهم قد صدقوه على قوله : { أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى } [ النازعات : 24 ] . قيل الجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه : أحدها : أنه كان يعبد الأصنام وكان قومه يعبدونه ، قاله الحسن . والثاني : أنه كان يعبد ما يستحسن من البقر ولذلك أخرج السامري عجلاً جسداً له خوار وقال هذا إلهكم وإله موسى ، وكان معبوداً في قومه ، قاله السدي . والثالث : أنها كنت أصناماً يعبدها قومه تقرباً إليه ، قاله الزجاج . وقرأ ابن عباس { وَيَذَرَكَ وَإِلاَهَتَكَ } أي وعبادتك . قال الحسن : وكان فرعون يَعبُد ويُعبَد . وعلى هذه القراءة يسقط السؤال . وذكر ابن قتيبة في هذه القراءة تأويلاً ثانياً ؛ أن الإلاهة الشمس ، والعرب تسمي الشمس الإلاهة واستشهد بقول الأعشى : @ وَلَمْ أَذْكُرِ الرُّعْبَ حَتَّى انْتَقَلْتُ قُبَيْلَ الإِلاَهَةِ مِنْهَا قرِيباً @@ يعني الشمس ، فيكون تأويل الآية : ويذرك والشمس حتى تعبد فعلى هذا يكون السؤال متوجهاً عنه ما تقدم . { قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيي نِسَاءَهُمْ } وإنما عدل عن قتل موسى إلى قتل الأبناء لأنه علم أنه لا يقدر عل قتل موسى إما لقوته وإما تصوره أنه مصروف عن قتله ، فعدل إلى قتل الأبناء ليستأصل قوم موسى من بني إسرائيل فيضعف عن فرعون { وَنَسْتَحِيي نِسَاءَهُمُ } فيه قولان : أحدهما : أن نفتش أرحامهن فننظر ما فيهن من الولد ، مأخوذ من الحياء وهو اسم من أسماء الفرج ، حكاه ابن بحر . والثاني : الأظهر أن معناه : نستبقيهن أحياء لضعفهن عن المنازعة وعجزهن عن المحاربة . قوله عز وجل : { قَالَ مُوسَى لِقَومِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ } يحتمل وجهين : أحدهما : أنه أمرهم بذلك تسلية لهم من وعيد فرعون كما يقول من نالته شدة : استعنت بالله . والثاني : أنه موعد منه بأن الله سيعينهم على فرعون إن استعانوا به . ثم قال : { وَاصْبِرُواْ } يحتمل وجهين : أحدهما : واصبروا على ما أنتم فيه من الشدة طمعاً في ثواب الله . والثاني : أنه أمرهم بالصبر انتظاراً لنصر الله . { إنَّ الأَرْضِ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ } فيه وجهان : أحدهما : أنه قال ذلك تسلية لقومه في أن الدنيا لا تبقي على أحد فتبقي على فرعون لأنها تنتقل من قوم إلى قوم . والثاني : أنه أشعرهم بذلك أن الله يورثهم أرض فرعون . { وَالْعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ } يحتمل وجهين : أحدهما : يريد في الآخرة بالثواب . والثاني : في الدنيا بالنصر . قوله عز وجل : { قالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } فيه أربعة أقاويل : أحدها : أن الأذى من قبل ومن بعد أخذ الجزية . قاله الحسن . والثاني : أن الأذى من قبل : تسخيرهم بني إسرائيل في أعمالهم لنصف النهار وإرسالهم في بقيته ليكسبوا لأنفسهم . والأذى من بعد : تسخيرهم في جميع النهار بلا طعام ولا شراب ، قاله جويبر . والثالث : أن الأذى الذي كان من قبل : الاستعباد وقتل الأبناء ، والذي كان من بَعد : الوعيد بتجديد ذلك عليهم ، حكاه ابن عيسى . والرابع : أن الأذى الذي كان من قبل أنهم كانوا يضربون اللبن ويعطيهم التبن ، والأذى من بعد أن صاروا يضربون اللبن ويجعل عليهم التبن ، قاله الكلبي ، وفي قولهم : { مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } قولان : أحدهما : من قبل أن تأتينا بالرسالة ومن بعد ما جئتنا بها ، قاله ابن عباس . والثاني : من قبل أن تأتينا بعهد الله إليك أنه يخلصنا ومن بعد ما جئتنا به . وفي هذا القول منهم وجهان : أحدهما : أنه شكوى ما أصابهم من فرعون واستعانة بموسى . والثاني : أنهم قالوه استبطاء لوعد موسى ، حكاه ابن عيسى . { قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِك عَدُوَّكُمْ } { عَسَى } في اللغة طمع وإشفاق . قال الحسن عسى من الله واجبة ، وقال الزجاج : { عَسَى } من الله يقين . { وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } في قوله : { فَينظُرَ } وجهان : أحدهما : فيرى . والثاني : فيعلم وفي قول موسى ذلك لقومة أمران : أحدهما : الوعد بالنصر والاستخلاف في الأرض . والثاني : التحذير من الفساد فيها لأن الله تعالى ينظر كيف يعملون .